للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشاعر:

وما المرء إلا الأصغران، لسانه ... ومعقوله، والجسم خلق مصوّر

فإن ترها راقتك يوما، فربّما ... أمرّ مذاق العود والعود أخضر (١)

وقال الأعور التّيمىّ (٢):

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

وقال آخر:

إن الكلام لفى الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا

وقال الطائى:

ومما كانت الحكماء قالت ... لسان المرء من خدم الفؤاد

وللخط صورة معروفة، وحلية موصوفة، وفضيلة بارعة، ليست لهذه الأوصاف، لأنه ينوب عنها فى الإيضاح عند المشهد، ويفضلها فى المغيب، لأن الكتب تقرأ فى الأماكن المتباينة، والبلدان المتفرقة، وتدرس فى كل عصر وزمان، وبكل لسان، واللسان وإن كان ذلقا فصيحا لا يعدو سامعه، ولا يجاوزه إلى غيره، وكفى بفضيلة العلم والخط قول الله عز وجل: «الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ» وأقسم (٣) به كما أقسم بغيره (٤)، ثم أقسم بما يكتبه القلم، إفصاحا عن حاله، وإعظاما لشأنه، وتنبيها لذكره، فقال: «وَما يَسْطُرُونَ». ومن فضيلة الخط: أنه لسان اليد، ورسول الضمير (٥) ودليل الإرادة، والناطق عن الخواطر، وسفير العقول، ووحى الفكر، وسلاح المعرفة، ومحادثة الأخلّاء على التنائى، وأنس الإخوان عند الفرقة، ومستودع


(١) الضمير يعود على مفهوم من السياق: أى صورته.
(٢) وفى رواية الزوزنى أن هذا البيت لزهير بن أبى سلمى من معلقته.
(٣) قال تعالى: «ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ».
(٤) من السماء والطارق والفجر والشمس والليل والضحى والتين والزيتون ... الخ مما ورد فى القرآن، والآيات فى ذلك معروفة.
(٥) وفى العقد والصبح ونهاية الأرب «وبهجة الضمير».

<<  <  ج: ص:  >  >>