للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيّرتم الملك فلم ننقه ... حتى غسلنا القار بالزّيت (١)

وقال حبيب بن أوس يمدحه ويصف قلمه:

لك القلم الأعلى الذى بشباته ... تصاب من الأمر الكلى والمفاصل (٢)

وكان محمد من ألطف الناس ذهنا، وأرقّهم طبعا، وأصدقهم حسّا، وأرشقهم قلما، وأملحهم إشارة، إذا قال أصاب، وإذا كتب أبلغ، وإذا شعر (٣) أحسن، وإذا اختصر أغنى عن الإطالة: أمره الواثق أن يتلطف بعبد الله بن طاهر، ويعلمه أنه صرفه عن أمر الجزائر والعواصم (٤)، وفوّض ذلك لابن عمه إسحق بن إبراهيم، فكتب:

«أما بعد، فإن أمير المؤمنين رأى أن يخلع ما فى يمينك، من أمر الجزائر والعواصم، فيجعله فى شمالك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (٥)».

وقال سهل بن بركة يهجو أبا نوح النصرانى الكاتب:

بأبى وأمّى، ضاعت الأحلام ... أم ضاعت الأذهان والأفهام؟ (٦)

من صدّ عن دين النبى محمد ... أله بأمر المسلمين قيام؟

إلّا تكن أسيافهم مشهورة ... فينا، فتلك سيوفهم أقلام


(١) البيتان على هذه الرواية فيهما عيب شعرى وهو الإصراف، لأن حركة روى البيت الأول فتحة، وحركة روى البيت الثانى كسرة.
(٢) الشباة: حد كل شىء، وهذا البيت هو الأول من أبيات تسعة مشهورة- انظرها، فى العقد الفريد ٢: ١٧٩، ونهاية الأرب ٧: ٢٥، وصبح الأعشى ٢: ٤٤٨، وأدب الكتاب ص ٧٥ وزهر الآداب ٢: ٣٥.
(٣) شعر كنصر وكرم قال شعرا، أو شعر بالفتح: قال شعرا، وشعر بالضم: أجاده.
(٤) العواصم: ولاية كانت قصبتها أنطاكية.
(٥) ليس ابن الزيات فى هذا المعنى ببدع، بل اقتبسه من يحيى بن خالد البرمكى- انظر ما قدمناه فى ص ١٥٥ من الجزء الثالث.
(٦) الأحلام: العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>