للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه ما روته الرواة عنه من قوله يوم بيعة عثمان: «يا بنى عبد مناف تلقّفوها تلقّف الكرة، فما هناك جنة ولا نار» وهذا كفر صراح يلحقه به اللعنة من الله، كما لحقت الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. ومنه ما يروون من وقوفه على ثنيّة أحد بعد ذهاب بصره (١) وقوله لقائده: ها هنا رمينا (٢) محمدا وقتلنا أصحابه. (ومنه الكلمة التى قالها للعباس قبل الفتح، وقد عرضت عليه الجنود: لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما! فقال له العباس: ويحك! إنه ليس بملك، إنها النبوة. ومنه قوله يوم الفتح، وقد رأى بلالا على ظهر الكعبة يؤذّن ويقول: أشهد أن محمدا رسول الله: لقد أسعد الله عتبة (٣) بن ربيعة إذ لم يشهد هذا المشهد (٤))، ومنه الرؤيا التى رآها النبى صلى الله عليه وسلم فوجم (٥) لها. فما رئى ضاحكا بعدها، فأنزل الله: «وما جعلنا الرّؤيا الّتى أريناك إلّا فتنة للنّاس» فذكروا أنه رأى نفرا من بنى أمية ينزون (٦) على منبره.

ومنه طرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبى العاص لمحاكاته إياه فى مشيته، وألحقه الله- بدعوة رسوله- آفة باقية، حين التفت إليه فرآه يتخلّج يحكيه، فقال له: كن كما أنت، فبقى على ذلك سائر عمره (٧)، هذا إلى ما كان من مروان ابنه


(١) الثنية: الطريق فى الجبل، وكان أبو سفيان قد فقئت عينه يوم الطائف، وفقئت عينه الأخرى يوم اليرموك- وقد شهد اليرموك، وكان هو القاص فى جيش المسلمين يحرضهم ويحثهم على القتال- ولما عمى كان يقوده مولى له- انظر أسد الغابة ٣: ١٢ وصبح الأعشى ١: ٤٤٨.
(٢) وفى تاريخ الطبرى «ذببنا محمدا».
(٣) هو حمو أبى سفيان، وجد معاوية لأمه هند.
(٤) ما بين القوسين وارد فى رواية ابن أبى الحديد، ساقط من طبعة الطبرى التى بأيدينا.
(٥) وجم كوعد: سكت على غيظ.
(٦) نزاينزو: وثب، جاء فى كتب التفسير: روى أنه صلى الله عليه وسلم رأى قوما من بنى أمية يرقون منبره وينزون عليه نزو القردة، فقال: هذا حظهم من الدنيا يعطونه بإسلامهم.
(٧) كان الحكم يحكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مشيته وبعض حركاته، وكان صلى الله عليه وسلم يتكفأ فى مشيته) فالتفت يوما فرآه وهو يتخلج فى مشيته (أى يضطرب) فقال: كن كذلك، فلم يزل يرتعش فى مشيته من يومئذ، وطرده رسول الله ولعنه وأخرجه إلى الطائف وقال له: لا تساكننى فى بلد أبدا، وصار مشهورا بأنه طريد رسول الله، ولم يزل مفيا حياة النبى، فلما ولى أبو بكر-

<<  <  ج: ص:  >  >>