للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنا النبىّ، ومنكم المكذّب (١)؛ ومنا أسد الله (٢)، ومنكم أسد الأحلاف


(١) يعنى أبا سفيان بن حرب، كان عدو رسول الله والمكذب له والمجلب عليه، وقال الأستاذ الشيخ محمد عبده فى تفسيره (ونقل عنه ذلك شارح نهاية الأرب): «المكذب: أبو جهل» وهو خطأ، أجل إن أبا جهل كان من ألد أعداء رسول الله، والمكذبين له، ولكنه ليس من بنى أمية، بل هو أبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومى من بنى مخزوم بن مرة من قريش.
(٢) يعنى حمزة بن عبد المطلب، وأسد لأحلاف: يعنى عتبة بن ربيعة. وذلك أنه لما تدانى المسلمون والمشركون فى غزوة بدر، خرج عتبة وشيبة والوليد حتى فصلوا من الصف ثم دعوا إلى المبارزة، فخرج إليهم فتيان ثلاثة من الأنصار، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار، فقالوا: ارجعوا فما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فأخرج لهم صلى الله عليه وسلم حمزة وعليا وعبيدة بن الحارث، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله، فقال عتبة:
كفؤ كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذان معك؟ قال: على بن أبى طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب، فقال: كفئان كريمان.
قال الواقدى: قال ابن أبى الزناد: حدثنى أبى قال: لم أسمع لعتبة كلمة قط أوهن من قوله «أنا أسد الحلفاء» يعنى بالحلفاء الأجمة (وعلى ذلك فهى بفتح الحاء وسكون اللام، وهى نبت ينبت فى مغايض الماء، أى أنا أسد الأجمة، لأن مأوى الأسد الآجام ومنابت الحلفاء).
قال ابن أبى الحديد: «قلت: قد روى هذه الكلمة على صيغة أخرى «وأنا أسد الحلفاء» يعنى (بضم ففتح) وروى «أنا أسد الأحلاف» (كما جاء فى كتاب الإمام على) قالوا فى تفسير هما: أراد أنا سيد أهل حلف المطيبين (وسنبينه بعد) ورد قوم هذا التأويل، فقالوا: إن المطيبين لم يكن يقال لهم الحلفاء ولا الأحلاف، وإنما ذلك لقب خصومهم وأعدائهم الذين وقع التحالف لأجلهم، وقال قوم فى تفسير هما:
إنما عنى حلف الفضول (وسنبينه بعد أيضا) وهذا التفسير أيضا غير صحيح لأن بنى عبد شمس لم يكونوا فى حلف الفضول، فقد بان أن ما ذكره الواقدى أصح وأثبت- (انظر شرح ابن أبى الحديد م ٣:
ص ٣٣٣).
غير أن ابن أبى الحديد مع ما ذكره من تفنيد هذين التفسيرين، لم يبين المراد بالأحلاف أو الحلفاء فى رواية من روى «أنا أسد الأحلاف» و «أنا أسد الحلفاء» جمعا، وأقول: إننا إدا بحثنا عمن قتلوا من مشركى قريش يوم بدر وجدناهم: من بنى عبد شمس بن عبد مناف، ومن بنى نوفل بن عبد مناف، ومن بنى أسد بن عبد العزى بن قصى، ومن بنى عبد الدار بن قصى، ومن بنى تيم بن مرة بن كعب بن لؤى، ومن بنى مخروم بن يقظة بن مرة، ومن بنى جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى، ومن بنى سهم ابن عمرو بن هصيص، ومن بنى عامر بن لؤى: (راجع كتب السيرة) أى أن هذه البطون من قريش كانت قد تآزرت واتفقت كلمتها على حرب محمد وإن شئت فقل إنهم قد تحالفوا على قتاله- وإن لم ينقل إلينا التاريخ أنهم قد عقدوا بينهم على ذلك حلفا بمعناه الأخص- ثم ولوا أمرهم عتبة بن ربيعة فكان قائدهم وصاحب حربهم، فهو إذ يقول: «أنا أسد الأحلاف» يبغى أن يقول إنه أسد هذه البطون القرشية المتناصرة على قتال المسلمين.
ومن تفسير الأستاذ الشيخ محمد عبده (وتابعه أيضا شارح نهاية الأرب): «أسد الأحلاف: أبو سفيان.
لأنه حزب الأحزاب وحالفهم على قتال النبى فى غزوة الخندق» وقد قدمنا لك خبر الأحزاب فى ص ٢٧٥ - وهو تفسير ملائم، غير أن التنظير فى كتاب الإمام يقتضى حينئذ أن يكون المكذب شخصا آخر غير أبى سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>