للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنكم حمّالة الحطب (١)، فى كثير مما لنا وعليكم:

فإسلامنا ما قد سمع، وجاهليّتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، وهو قوله سبحانه وتعالى: «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» * وقوله تعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة، ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة (٢) برسول الله صلى الله عليه وآله فلجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.

وزعمت أنّى لكل الخلفاء حسدت، وعلى كلّهم بغيت، فإن يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك، فيكون العذر إليك:

* وتلك شكاة ظاهر عنك عارها (٣) *

وقلت إنى كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، ولعمر الله لقد أردت


الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ».
(١) هى أم جميل بنت حرب بن أمية امرأة أبى لهب وعمة معاوية، وقد ورد فيها التنزيل بذلك «وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ» وقيل لها حمالة الحطب، لأنها كانت تحمل الشوك والسعدان وتلقيه فى طريق النبى صلى الله عليه وسلم إيذاء له (وكانت جارته) أو هو النميمة، إذ كانت تسعى عليه بالنمائم وتوقد بذلك نار الخصومة، أو حطب جهنم، فإنها كانت تحمل الأوزار بمعاداته، وتحمل زوجها على إيذائه.
(٢) لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعت الأنصار فى سقيفة بنى ساعدة فقالوا: نولى هذا الأمر بعد محمد سعد بن عبادة، وكان بينهم وبين المهاجرين حجاج انتهى باستخلاف أبى بكر كما هو معروف، وفلج على خصمه كنصر: فاز عليه وظفر.
(٣) هو شطر بيت لأبى ذؤيب الهذلى، قال:
أبى القلب إلا أم عمرو فأصبحت ... تحرق نارى بالشكاة ونارها
وغيرها الواشون أنى أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
والشكاة فى الأصل: المرض، وتوضع موضع العيب والذم كما فى هذا البيت، فمعناها هنا العيب والنقيصة، ويقال: ظهر عنى هذا العيب: إذا نبا عنك ولم يعلق بك منه شئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>