فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن على عليه السلام (سنة ٥٠) فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه، أو طريد فى الأرض، ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين عليه السلام، وولى عبد الملك بن مروان، فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض على وموالاه أعدائه وموالاة من يدعى قوم من الناس أنهم أيضا أعداؤه، فأكثروا فى الرواية فى فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغض من على عليه السلام وعيبه والطعن فيه والشنآن له، حتى إن إنسانا وقف للحجاج، ويقال إنه جد الأصمعى عبد الملك بن قريب، فصاج به أيها الأمير إن أهلى عقونى فسمونى عليا، وإنى فقير بائس، وأنا إلى صلة الأمير محتاج، فتضاحك له الحجاج، وقال: للطف ما توسلت به، قد وليتك موضع كذا» اه. ولا تنس أن الشيعة وضعوا أحاديث مختلفة فى صاحبهم، حملهم على وضعها عداوة خصومهم- انظر ابن أبى الحديد م ٣ ص ١٧. (١) يعنى شريك بن شداد الحضرمى، وكان من أصحاب حجر بن عدى الذين بعث بهم زياد إلى معاوية وقتل مع حجر. (٢) كان للقرشيين فى الجاهلية رحلتان كل عام: رحلة فى الشتاء إلى اليمن، ورحلة فى الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون، وكانوا يخرجون بتجارتهم قوافل عظيمة وقد ذكر الطبرى أن إحدى هذه القوافل بلغت خمسمائة وألف بعير، وكانوا فى رحلتهم آمنين لأنهم أهل حرم الله وولاة بيته، ذلك إلى ما أخذه لهم بنو عبد مناف من الإيلاف أى العهد بتأمين التجارة، وكان هاشم بن عبد مناف قد خرج إلى الشام-