للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو أمرّ منه وأعلق، وأعسر منه وأغلق، والله أسأل تمامه بك، ونظامه على يديك، فتأتّ (١) له أبا عبيدة وتلطّف فيه، وانصح لله عزّ وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذه العصابة، غير آل جهدا، ولا قال حمدا، والله كالئك (٢) وناصرك، وهاديك ومبصّرك، إن شاء الله. امض إلى علىّ، واخفض له جناحك، واغضض عنده صوتك، واعلم انه سلالة أبى طالب، ومكانه ممّن فقدناه بالأمس صلى الله عليه وسلم مكانه، وقل له:

*** «البحر مغرقة، والبرّ مفرقة، والجوّ أكلف، والليل أغدف (٣)، والسماء جلواء، والأرض صلعاء، والصعود متعذّر، والهبوط متعسّر، والحقّ عطوف رءوف، والباطل عنوف عسوف (٤)، والعجب قدّاحة الشر، والضّغن رائد البوار (٥)، والتعريض شجار الفتنة، والقحة ثقوب (٦) العداوة، وهذا الشيطان متّكئ على شماله


(١) تأتى للأمر: ترفق وأتاه من وجهه.
(٢) ألا يألو: قصر. قلاه كرمى ورضى: أبغضه، وفى ابن أبى الحديد «ولا قال جدا». كالئك:
أى: حافظك وحارسك.
(٣) مغرقة: أى مظنة الغرق، يخاف الغرق فيه ويخشى. مفرقة:
أى مكان فرق بالتحريك: أى خوف وفزع. والمعنى: أن الفتنة عامة قد شملت البحر والبر فهى مخوفة فى كل النواحى. أكلف وصف من الكلف بالتحريك: وهو لون بين السواد والحمرة. أغدف لم يرد فى كتب اللغة إلا فعلا، قال صاحب اللسان «وأغدف الليل: أقبل وأرخى سدوله، وأغدف الليل ستوره:
إذا أرسل ستور ظلمته وأنشد: حتى إذا الليل البهيم أغدفا» وفى ابن أبى الحديد «والليل أغلف» وقلب أغلف: كأنه غشى بغلاف، والمعنى هنا مظلم.
(٤) سماء جلواء: مصحية. الصلعاء: الأرض لا نبات فيها. العنوف أراد به كثير العنف، ولم ترد هذه الصيغة فى كتب اللغة. العسوف: الظلوم، صيغة مبالغة من الصف وهو الظلم، وفى ابن أبى الحديد «والباطل نسوف عصوف». النسوف مبالغة من النسف (النسوف أيضا من الخيل: الواسع الخطو، وناقة نسوف: تنسف التراب فى عدوها، وبعير نسوف:
يقتلع الكلأ من أصله بمقدم فيه) وريح عصوف وعاصف وعاصفة.
(٥) القداح والقداحة: حجر الزند، وفى ابن أبى الحديد «مقدحة الشر» والرائد: أصله المرسل فى طلب الكلأ، والبوار: الهلاك.
(٦) هكذا فى ابن أبى الحديد وصبح الأعشى: الشجار والمشجر ككتاب ومنبر ويفتحان: عود الهودج، وقيل: هو مركب أصغر من الهواج مكشوف الرأس، وقيل:
هو خشب الهودج فإذا غشى غشاءه صار هودجا. والمعنى: التعريض مركب الفتنة، وفى نهاية الأرب «سجال الفتنة» وسجال بالكسر جمع سجل بالفتح وهو الدلو العظيمة. والقحة بالكسر والفتح:
الوقاحة أى قلة الحياء. الثقوب والثقاب ككتاب: ما تثقب أى توقد به النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>