للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متحيّل (١) بيمينه، نافج حضنيه (٢) لأهله، ينتظر الشّتات والفرقة، ويدبّ بين الأمة بالشّحناء والعداوة، عنادا لله عزّ وجل أوّلا، ولآدم ثانيا، ولنبيه صلى الله عليه وسلم ودينه ثالثا، يوسوس بالفجور، ويدلّى (٣) بالغرور، ويمنّى أهل الشرور، يوحى إلى أوليائه زخرف القول غرورا بالباطل، دأبا له منذ كان على عهد أبينا آدم صلى الله عليه وسلم، وعادة له منذ أهانه الله تعالى فى سالف الدهر، لا منجى منه إلا بعضّ الناجذ (٤) على الحق، وغضّ الطّرف عن الباطل، ووطء هامة (٥) عدوّ الله بالأشدّ فالأشدّ، والآكد فالآكد (٦)، وإسلام النفس لله عزّ وجل فى ابتغاء رضاه، ولا بد الآن من قول ينفع إذ قد أضرّ السكوت وخيف غبّه، ولقد أرشدك من أفاء (٧) ضالّتك، وصافاك من أحيا مودّته بعتابك وأراد لك الخير من آثر البقاء معك.

ما هذا الذى تسوّل لك نفسك، ويدوى (٨) به قلبك، ويلتوى عليه رأيك،


(١) التحيل: الاحتيال، وهو بالياء فى صبح الأعشى، وضبضه شارح نهاية الأرب بالباء الموحدة وقال: «المتحبل: المتصيد بالجبالة، وفى الأصل: «متحيل» بالياء المثناة وهو تصحيف» وأقول: إن الوارد فى كتاب اللغة من هذه المادة فى ذلك المعنى هو احتبل لا تحبل، وفى ابن أبى الحديد «باسط ليمينه».
(٢) فى صبح الأعشى «خصيبه» وهو تصحيف، ونافج أورده صاحب اللسان فى مادة نفخ فقال «وفى حديث على: نافخ حضنيه أى منتفخ مستعد لأن يعمل عمله من الشر» وأورده أيضا فى مادة نفج بالجيم فقال: «وفى حديث على: نافجا حضنيه، كنى به عن التعاطم والتكبر والخيلاء» ونافجا:
أى رافعا، من نفج ثدى المرأة قميصها إذا رفعه، وقوله «فى حديث على» يريد ما ورد فى خطبته المعروفة بالشقشقية انظر نهج البلاغه ١: ١٧ وقد وردت فيه بالجيم وكذا فى شرح ابن أبى الحديد.
(٣) أخذه من قوله تعالى «فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ» قالوا فى تفسيره: دلاهما فى المعصية بأن غرهما، وقيل معناه: فأطمعهما، وأصله الرجل العطشان يدلى فى البئر ليروى من مائها فلا يجد فيها ماء. فوضعت البدلية موضع الإطماع فيما لا يجدى نفعا، وقيل: جرأهما على المعصية بغروره.
(٤) الناجذ: واحد النواجذ وهى أقصى الأضراس، ويقولون: عض عليه بالنواجذ: أى تمسك به كما يتمسك العاض بجميع أضراسه.
(٥) الهامة: الرأس.
(٦) وفى ابن أبى الحديد «والأحد فالأحد».
(٧) الغب: عاقبة الشئ كالمغبة، وأفاء رد.
(٨) دوى كفرح: مرض، والدوى كالفتى: داء باطن فى الصدر، ويصح أن يكون «ويدوى» بالتشديد، من دوى الطائر: إذا دار فى طيرانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>