للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهوالا تشيب النّواصى، خائضين غمارها، راكبين تيّارها، نتجرّع صابها، ونشرج عيابها، ونحكم آساسها (١)، ونبرم أمراسها (٢)، والعيون تحدّج (٣) بالحسد، والأنوف تعطس بالكبر، والصدور تستعر بالغيظ، والأعناق تتطاول بالفخر، والألسنة (٤) تشحذ بالمكر، والأرض تميد بالخوف، لا ننتظر عند المساء صباحا، ولا عند الصباح مساء، ولا ندفع فى نحر أمر (٥) إلا بعد أن نحسو الموت دونه، ولا نبلغ مرادا إلا بعد جرع العذاب معه، ولا نقيم منارا إلا بعد الإياس (٦) من الحياة عنده، فادين فى جميع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأب والأم، والخال والعمّ، والمال والنّشب (٧)، والسّبد واللّبد (٨)، والهلّة والبلّة (٩)، بطيب أنفس، وقرّة أعين، ورحب أعطان (١٠) وثبات عزائم، وصحّة عقود (١١) وطلاقة أوجه، وذلاقة ألسن.

هذا مع خبيثات أسرار، ومكنونات أخبار، كنت عنها غافلا، ولولا سنّك


(١) الرواسى أى الجبال الرواسى أى الثابتة، والنواصى جمع ناصية: وهى منبت الشعر فى مقدم الرأس، والصاب: عصارة شجر مر، وأشرج العيبة وشرحها وشرحها: أدخل بعض عراها فى بعض، والعيبة بالفتح: وعاء من أدم، وما يجعل فيه الثياب، والآساس جمع أس مثلثا: وهو أصل البناء وأصل كل شئ.
(٢) المرسة بالتحريك: الحبل والجمع مرس بالتحريك أيضا وجمع الجمع أمراس وقد يكون المرس للواحد
(٣) التحديج: التحديق.
(٤) فى صبح الأعشى ونهاية الأرب «والشفار» بالكسر جمع شفرة بالفتح وهى السكين العظيمة وحد السيف، والمراد بها الألسنة أيضا. وتميد: تضطرب.
(٥) فى صبح الأعشى «امرئ».
(٦) أى اليأس.
(٧) النشب: المال الأصيل من الناطق والصامت.
(٨) جاء فى اللسان «السبد: الوبر، وقيل: الشعر، واللبد من الصوف لتلبده، والعرب تقول: ماله سبد ولا لبد، أى ماله ذو وبر ولا صوف متلبد، يكنى به عن الإبل والغنم، وقيل يكنى به عن المعز والضأن، وقيل: يكنى به عن الابل والمعز، فالوبر للإبل والشعر للمعز، وقال الأصمعى: ما له سبد ولا لبد، أى ما له قليل ولا كثير، وكان مال العرب الخيل والإبل والغنم فدخلت كلها فى هذا المثل».
(٩) يقال: جاءنا فلان فلم يأتنا بهلة ولا بلة، وما أصاب عنده هلة ولا بلة: أى شيئا والهلة من الاستهلال والفرح، والبلة: أدنى بلل من الخير، وحكاهما كراع جميعا بالفتح.
(١٠) الرحب: الاتساع، والأعطان جمع عطن بالتحريك. ويقال:
رجل رحب العطن، وواسع العطن أى رحب الذراع كثير المال واسع الرحل، وفى ابن أبى الحديد «ورحب أعطاف» والأعطاف جمع عطف بالكسر وهو الجانب.
(١١) وفى صبح الأعشى ونهاية الأرب «وصحة عقول» وذلاقة اللسان: حدته.

<<  <  ج: ص:  >  >>