للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفت منك فى ذلك حوجاء ولا لوجاء (١)، فقلت ما قلت وأنا أرى مكان غيرك، وأجد رائحة سواك، وكنت لك إذ ذاك خيرا منك الآن لى، ولئن كان عرّض بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الأمر فلم يكن معرضا عن غيرك، وإن كان قال فيك فما سكت عن سواك.

وإن تلجلج (٢) فى نفسك شئ فهلمّ فالحكم مرضىّ، والصواب مسموع، والحق مطاع، ولقد نقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عزّ وجل، وهو عن هذه العصابة راض وعليها حدب (٣) يسرّه ما سرها، ويسوءه ما ساءها، ويكيده ما كادها، ويرضيه ما أرضاها، ويسخطه ما أسخطها. أما تعلم أنه لم يدع أحدا من أصحابه وأقاربه وسجرائه (٤) إلا أبانه بفضيلة، وخصّه بمزيّة، وأفرده بحالة لو أصفقت الأمة عليه لأجلها، لكان عنده إيالتها وكفالتها، أتظن أنه صلى الله عليه وسلم ترك الأمة سدى بذدا (٥) عباهل مباهل، طلاحى (٦) مفتونة بالباطل، معنونة عن الحق، لا رائد ولا ذائد، ولا ضابط


(١) الحوحاء: الحاجة وكذا اللوجاء، ويقال: ما لى فيه حوجاء ولا لوجاء، ولا حويجاء ولا لويجاء أى ما لى فيه حاجة.
(٢) تلجلج: تردد، وفى ابن أبى الحديد «اختلج».
(٣) حدب عليه كفرح: تعطف، وفى صبح الأعشى ونهاية الأرب «حذر».
(٤) سجراء جمع سجير. وهو الخليل الصفى، وأصفقوا على كذا: أطبقوا. وآل على القوم إيالا وإيالة:
ولى.
(٥) سدى بالضم والفتح والضم أكثر: أى مهملة للواحد والجمع، وبددا: أى متفرقة- يقال: جاءت الخيل بددا بددا على المصدر، وتفرقوا بداد، وفى الدعاء: «اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا» يروى بكسر الباء جمع بدة بالكسر وهى الحصة والنصيب: أى اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد حصته ونصيبه، ويروى بالفتح: أى متفرقين من التبديد، أى بدد شملهم.
(٦) عبهل الإبل: أهملها، وإبل عباهل ومعبهلة: أى مهملة لا راعى لها ولا حافظ، قال الراجز:
عباهل عبهلها الوراد. وأبهل الإبل: أهملها أيضا كعبهلها. والعين مبدلة من الهمزة وهى مبهلة ومباهل للجمع (وقد ضبط مباهل فى لسان العرب والقاموس بضم الميم وكسر الهاء، وكتب مصحح اللسان على هامشه: «كذا وقع فى الأصل ميم مباهل مضموما وكذا فى القاموس، وليس فيه لفظ الجمع فانظر وحرر اه» والظاهر أنه بفتح أوله كما فى عباهل) وطلح البعير كمنع طلاحة بالفتح: أى كل وأعيا، فهو طلح بالفتح والكسر وطليح وطالح، وإبل أطلاح وطلاح بالكسر وطلح كركع وطلائح، وجاء أيضا إبل طلاحى بفتح الضاء والحاء: أى تشتكى بطونها من أكل الطلح (والطلح كشمس: شجر عظام) قال فى المسان «وأنكر أبو سعيد إبل طلاحى إذا أكلت الطلح، قال: والطلاحى هى الكالة المعيبة، قال: ولا يمرض الطلح الإبل، لأن رعى الطلح ناجع فيها» وفى ابن أبى الحديد «طلاحا».

<<  <  ج: ص:  >  >>