للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إياك وأن يصل إليك أحد من جندك وجلسائك وخاصّتك وبطانتك بمسألة يكشفها لك، أو حاجة يبدهك (١) بطلبها، حتى يرفعها قبل ذلك إلى كاتبك الذى أهدفته (٢) لذلك، ونصبته له، فيعرضها عليك، منهيا لها على جهة الصدق عنها، وتكون على معرفة من قدرها، فإن أردت إسعافه بها، ونجاح ما سأل منها، أذنت له فى طلبها، باسطا له كنفك، مقبلا عليه بوجهك، مع ظهور سرورك بما سألك، وفسحة رأى، وبسطة ذرع، وطيب نفس، وإن كرهت قضاء حاجته، وأحببت ردّه عن طلبته (٣)، وثقل عليك إجابته إليها وإسعافه بها، أمرت كاتبك فصفحه (٤) عنها، ومنعه من مواجهتك بها، فخفّت عليك فى ذلك المئونة، وحسن لك الذكر، ولم ينشر عنك تجهّم (٥) الردّ، وينلك سوء القالة فى المنع، وحمل على كاتبك فى ذلك لائمة (٦) أنت منها برىء السّاحة.

وكذلك فليكن رأيك وأمرك فيمن طرأ عليك من الوفود، وأتاك من الرّسل، فلا يصلنّ أحد منهم إلا بعد وصول علمه إليك، وعلم ما قدم له عليك، وجهة ما هو مكلّمك به، وقدر ما هو سائلك إياه إذا هو وصل إليك، فأصدرت رأيك فى حوائجه (٧) وأجلت فكرك فى أمره، واخترت معتزما على إرادتك فى جوابه (٨)، وأنفذت مصدور رويّتك فى مرجوع مسألته، قبل دخوله عليك، وعلمه بوصول حاله إليك، فرفعت عنك مئونة البديهة، وأرخيت عن نفسك خناق (٩) الرويّة، وأقدمت على ردّ جوابه بعد النظر وإجالة الفكر فيه، فإن دخل إليك أحد


(١) بدهه بالأمر كمنعه: استقبله به مفاجأة.
(٢) أراد: نصبته كالهدف.
(٣) الطلبة: ما طلبته.
(٤) صفح السائل وأصفحه: رده.
(٥) تجهمه وتجهم له: استقبله بوجه كريه، وهذه الجملة وما بعدها ساقطة من المنظوم والمنثور.
(٦) اللائمة: اللوم.
(٧) فى المنظوم والمنثور «فى جوابه».
(٨) هذه الجملة ساقطة من المنظوم والمنثور.
(٩) الخناق: الحبل يخنق به.

<<  <  ج: ص:  >  >>