إن أصحاب المذاهب في شرق أو غرب يعملون على صياغة الإنسان في أمتنا الإسلامية ليكون لهم لا لأمته وينفقون في سبيل ذلك من الجهد والمال ما لا يخفى على أحد، وكلنا يعرف ما تفعله الشيوعية في سبيل نشر مذهبها وما يفعله الغرب وما يقدمه لمؤسسات التبشير لتكون طلائع له في صياغة إنسان الغد لصالحه، وكل ما وقع من اغتصاب أرض المسلمين في أي مكان أو زمان قد مهد له من قبل الإستيلاء على الإنسان. ومن هنا كان الحرص شديداً على تقديم المنح الدراسية وإغراء الدول الإسلامية بالبعثات التعليمية وهي تحقق جانباً كبيراً مما يريده أصحاب المذاهب في شرق أو غرب من صياغة الإنسان لما يريدون.
الإنسان هو الأساس الذي تقوم به ومن أجله الحضارة والنهضة والعناية به هي السبيل للنهوض بأمتنا من كبوتها ولا تصلح الأشياء إلاَّ بإيجاد الإنسان الصحيح، من أجل هذا أرسل الله الرسل وأنزلت الكتب.
والنعم في أيدي الناس مسخرة من الله عز وجل وبالإنسان يتحدد اتجاهها إلى شكر أو كفر، ونتائج العلم أسلحة في يد الإنسان ينصر بها عدلاً وحقاً أو يبغي علواً وفساداً والسيف يمسك به لص يهدد أمن الناس ويحمله حارس أمين.
والأرض قد هبط إليها الإنسان بعد إصلاحها وما يقع فيها من إفساد هو مما كسبت أيدي الناس والله يعلم المفسد من المصلح.
ولكل شيء في الحياة وسائل وأسباب تحقق صلاحه، فإذا اتبعت الأسباب في كل شيء بما يناسبه استقام الإنسان وبرت النتائج، وكذلك فعل المصلحون في الأرض ومن أثنى القرآن عليهم وتلا على الناس ذكرهم {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً ... } .