وقد رخص في الخضاب بالسواد طائفة من السلف، منهم سعد بن أبى وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد، واختاره ابن أبي عاصم من كتاب الخضاب له، وأجاب عن حديث ابن عباس السابق؛ بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم، وعن حديث جابر السابق في قصة إسلام أبى قحافة؛ بأن ذلك في حق من صار شيب رأسه مستبشعا ولا يطرد ذلك في حق كل أحد [٢٦] .
وقد رخص فيه بعض العلماء إذا كان المرء مجاهدا، لما فيه من إدخال الرهبة في نفوس الأعداء بإظهار الشباب وما ينطوي عليه ذلك من مظهر القوة [٢٧] .
الخصلة الثانية: تبييض اللحية بالكبريت أو غيره استعجالا للشيخوخة، وإظهارا للعلو في السن لطلب الرياسة والتعظيم والمهابة والتكريم، أو لقبول حديثه وإيهام اللقاء بالمشايخ.
الخصلة الثالثة: خضابها بحمرة أو صفرة تشبها بالصالحين ومتبعي السنة وعلة الكراهة هنا هي النية السيئة أما الأصل في الخضاب بالتحمير أو التصفير فهو محمود وقد حث عليه صلى الله عليه وسلم فقد نقل أحمد في المسند بإسناد حسن عن أبي أمامة قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال: "يا معشر الأنصار: حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب" [٢٨] .
الخصلة الرابعة: نتفها من أول طلوعها وتحفيفها بالموسى إيثارا للمرودة واستصحابا للصبا وحسن الوجه، وتعتبر هذه الخصلة أقبح الخصال المكروهة في اللحية.
الخامسة: نتف الشيب؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم عند أبي داود: "لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يصيب شيبة في الإسلام - قال عن سفيان: إلا كانت له نورا يوم القيامة وقال في حديث يحيى: إلا كتب الله له بها حسنة وحط بها عنه خطيئة" [٢٩] .
وعن الترمذي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب وقال إنه نور المسلم" وقال: هذا حديث حسن [٣٠] .