للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتم فتح الإسكندرية يوم الجمعة مستهل شهر محرم سنة ٢١ هـ وبلغ عدد شهداء المسلمين اثنين وعشرين رجلا [٣٣] .

وبعث عمرو بن العاص معاوية بن خديج إلى عمر بن الخطاب يبشره بفتح الإسكندرية، وقال معاوية لعمرو: ألا تكتب معي؟ فقال عمرو: ألست رجلا عربيا تبلغ الرسالة، وما رأيت وحضرت؟ فما أصنع بالكتاب؟ ولما قدم معاوية على عمر، وبشره بالفتح خر عمر ساجداً شكراً لله، وقال: الحمد لله [٣٤] .

قال معاوية بن خديج: بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية، فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد، فبينا أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب، فرأتني شاحبا على ثياب السفر، فأتتني فقالت: من أنت؟

قلت: معاوية بن خديج رسول عمرو بن العاص.

فانصرفت عني، ثم أقبلت تشد، أسمع حفيف إزارها على ساقها حتى دنت مني.

فقالت: قم فأجب، أمير المؤمنين يدعوك، فتبعتها، فلما دخلت فإذا عمر بن الخطاب يتناول ردائه بإحدى يديه، ويشد إزاره بالأخرى، فقال: ما عندك؟

قلت: خير يا أمير المؤمنين، فتح الله الإسكندرية.

فخرج معي إلى المسجد، فقال للمؤذن: أذن في الناس، الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، ثم قال لي: قم فأخبر أصحابك، فقمت فأخبرتهم.

ثم صلى، ودخل منزله، واستقبل القبلة، فدعا بدعوات، ثم جلس. فقال:

ياجارية، هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت.

فقال: كل. فأكلت على حياء.

ثم قال: ياجارية، هل من تمر؟ فأتت بتمر في طبق.

فقال: كل، فأكلت على حياء.

تم قال: ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟

قال: قلت: أمير المؤمنين قائل.

قال: بئس ما قلت، أو بئس ما ظننت، لئن نمت النهار لأضيعين الرعية، ولئن نمت بالليل لأضيعين نفسي، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟؟ [٣٥] .