للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن حجر:"قال ابن بطال: هذا الحديث أصل في سد الذرائع، ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل، وإن لم يقصد إلى ما يحرم، والأصل في هذا الحديث: قوله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (١)

٢- قال عبد الله بن أبى بن سلول في غزوة بنى المصطلق:"أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر فقال: يا رسول الله: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه" (٢)

ووجه الدلالة من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا، أنه كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة، لئلا يكون ذريعة لتنفير الناس عنه وقولهم: إن محمدا يقتل أصحابه٠

يقول ابن تيمية في ذلك:"إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة لئلا يكون ذريعة إلى قول الناس أن محمدا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه لأن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه، وممن لم يدخل فيه، وهذا النفور حرام" ٠

ثالثاً: الإجماع:

أجمع الصحابة على بعض المسائل التي يمكن أن يستدل بها على وجوب سد الذرائع، وقد اعتبرها أهل العلم أدلة على سد الذرائع واحتجوا بها، كما عمل بها كثير من الأئمة، وإليكم بعض الأدلة٠

١- إن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ورثوا المطلقة المبتوتة في مرض الموت، حيث يتهم بقصد حرمانها من الميراث بلا تردد، وإن لم يقصد الحرمان، لأن الطلاق ذريعة وأما حيث لا يتهم ففيه خلاف معروف (٣)


(١) فتح البارى شرح صحيح البخاري جـ١٠ /٤٠٤.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب التفسير جـ٨ /٦٤٨، ومسلم في كتاب البر باب ١٦ جـ٤ /١٩٩٨.
(٣) انظر مجموعة الفتاوى الكبرى لابن تيمية جـ٤ /١٤٣.