للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢- وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١)

ووجه الدلالة من الآية: أن الله سبحانه وتعالى نهى المؤمنين عن كلمة "راعنا"، ومعناها عندهم راعنا سمعك، أي: اسمع لنا ما نريد أن نسأل عنه ونراجعك فيه، وهذا معنى صحيح، ولكن الله نهاهم عنها سدا للذريعة، لأن اليهود كانوا يقولونها لاوين بها ألسنتهم، لتوافق كلمة شتم عندهم، أو نسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرعونة٠

وسيأتي كلام على هذه الآية – إن شاء الله تعالى – في الفصل الخامس من هذا البحث٠

ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:

١- عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" (٢)

ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الرجل لاعنا لأبويه إذا كان سببا في ذلك، وإن لم يقصده ٠

قال النووى – رحمه الله – في شرحه للحديث:"فيه دليل على أن من تسبب في شيئ جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وإنما جعل هذا عقوقاً لكونه يحصل منه ما يتأذى به الوالد تأذيا ليس بالهين، وفيه قطع الذرائع، فيؤخذ منه النهى عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك٠ والله أعلم" ٠


(١) البقرة / آية: ١٠٤.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب ٤ جـ١٠ /٤٠٣،ومسلم كتاب الإيمان باب ٣٨ ط/٩٢ وأبو داود في كتاب الأدب باب ١٢٩ جـ٥ /٣٥٢.