للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذرائع بذلك تختلف عن الحيل، فسد الذرائع مطلوب، والحيل محرمة لا تجوز، لأن حقيقتها: تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، كالواهب ماله عند رأس الحول فرارا من الزكاة (١)

قال ابن تيمية:"واعلم أن تجويز الحيل يناقض سد الذرائع مناقضة ظاهرة، فإن الشارع سد الطريق إلى ذلك المحرم بكل طريق، والمحتال يريد أن يتوسل إليه" ٠

وقال ابن القيم: "وتجويز الحيل يناقض سد الذرائع مناقضة ظاهرة فإن الشارع يسد الطريق إلى المفاسد بكل ممكن، والمحتال يفتح الطريق إليها بحيلة، فأين من يمنع من الجائز خشية الوقوع في المحرم إلى من يعمل الحيلة في التوصل إليه" ٠

ثانياً: الأدلة على وجوب سد الذرائع:

دل القرآن والسنة والإجماع على وجوب سد الذرائع وإليكم بعض ما جاء من ذلك٠

أولاً: أدلة القرآن الكريم:

١- قال تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٢)

ووجه الدلالة من الآية: أن الله سبحانه وتعالى نهى المؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهى سب المشركين لله عز وجل، فكان النهى سدَّا لهذه الذريعة، وهذا دليل على المنع من الجائز إذا كان يؤدى إلى محرم٠

قال القرطبي:"في هذه الآية ضرب من الموادعة، ودليل على وجوب الحكم بسد الذرائع" ٠

ونقل القاسمي عن بعض العلماء قوله في الآية:"إنه متى خيف من سب الكفار وأصنامهم أن يسبوا الله، أو رسوله، أو القرآن لم يجز أن يُسَبُّوا ولا دينهم، قال: وهى أصل في قاعدة سد الذرائع" ٠

وقال الشيخ/ عبد الرحمن السعدي:"وفى هذه الآية الكريمة دليل للقاعدة الشرعية، وهو أن الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأن وسائل المحرم، ولو كانت جائزة تكون محرمة إذا كانت تفضي إلى الشر" ٠


(١) المرجع السابق جـ٣ /٢٠١.
(٢) الأنعام / آية: ١٠٨.