بعد الفراغ من كتابة هذا البحث شاء الله أن أقع على خبر بحيرا في (فقه السيرة) للأستاذ محمد الغزالي وأن أقف من هناك على مناقشة المحدث الفاضل الشيخ ناصر الدين الألباني لقول المؤلف: "سواء صحت قصة بحيرا أو بطلت"ثم لقوله الآخر في شأنها: "والمحققون على أن هذه الرواية موضوعة مضاهاة لمزاعم الإنجيليين في شأن المسيح"حيث يقفي الشيخ ناصر على الفقرة الأولى بقوله: "بل هي صحيحة.."ويحتج لرأيه بأن الترمذي قد أخرج الخبر من طريق أبي موسى الأشعري وعرفه بأنه (حديث حسن) ثم نقل قول الجزري بأن "ذكر أبي بكر وبلال فيه غير محفوظ"وأردف ذلك برواية البزار عن هذه الفقرة أن الذي عاد بمحمد (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة رجل آخر أرسله معه عمه. ومن ثم عمد إلى نفي الوضع عن الخبر في الفقرة الثانية محتجا لصحته بما أورده الإنجيليون من أخبار عن موسى (عليه السلام) مطابقة لمضمون القرآن.
وقد دافع الأستاذ الغزالي عن وجهته في الصفحة نفسها محتجا بتقرير أئمة من أهل الحديث، كالذهبي الذي يقول –في ميزان الاعتدال- "مما يدل على بطلان هذا الحديث قوله: (وبعث معه أبو بكر بلالا) "وكالحافظ ابن حجر الذي ينقل قوله في (المواهب اللدنية) أن "رجاله ثقات وليس فيه سوى هذه النقطة، فيحتمل أن تكون مدرجة فيه، منقطعة من حديث آخر وهما من أحد رواته.."وأخيرا يورد قول ابن كثير أن من غرائب هذا الحديث كونه من مرسلات الصحابة، فهل على كل تقدير مرسل. [٢٣]
وقد رأيت أن ألفت نظر القارئ إلى بعض الملاحظات حول هذا الحوار:
أ_ إن عمدة القائلين بصحة هذا الخبر هي ثقتهم بسنده فهو عند صيارفة الحديث من الضرب الموثوق دون ريب. ولا غبار على متنه لأنه داخل في الممكنات التي تتعلق بتكرمة الله عبده المختار (صلى الله عليه وسلم) .