قال سيبويه:"هذا باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب في المعرفة وذلك قولك هذا عبد الله منطلقٌ حدثنا بذلك يونس وأبو الخطاب عمّن يوثق به من العرب وزعم الخليل أن رفعه يكون على وجهين فوجه أنك حين قلت هذا عبد الله أضمرت هذا أو هو كأنك قلت هذا منطلق، أو هو منطلق، والوجه الآخر: أن تجعلهما جميعاً خبراً لهذا"[٤٨] وزاد السيرافي الوجهين الآخرين أعني القول بالبدلية أو عطف البيان [٤٩] .
وقال ابن يعيش:"ويجوز الرفع في قولك منطلقاً من قولك هذا عبد الله منطلقاً قال سيبويه هو عربي جيّد حكاه يونس وأبو الخطاب عمّن يوثق به من العرب"[٥٠] .
وقال ابن شقير: معلقاً على بيت جرير السابق: "نصب خليفة على القطع من المعرفة بالألف واللام، ولو رفع على معنى: هذا ابن عمي هذا خليفةٌ لجاز، وعلى هذا يَقْرَأُ مَنْ قَرَأَ {وَإنَّ هَذِهِ أمَّتُكُمْ أمَّةٌ وَّاحِدَةٌ} فإن جُعل (هذا) اسماً، و (ابن عمي) صفته جاز الرفع ومثل هذا قول الراجز:
مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذا بَتِّي
مُقَيّظٌ مَصَيِّفٌ مَشَتِّي
معناه هذا بتِّي هذا مقيِّظٌ، هذا مصيّفٌ، وأما قول النابغة.
تَوَهَّمْتُ آياتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا
لِسِتَّةِ أَعْوامٍ وذا العامُ سابِعُ
رفع (العام) بالابتداء، و (سابع) خبره ... وأما قول الله تبارك وتعالى:{هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيْدٌ} رفع (عتيد) لأنه خبر نكرةٍ كما تقول هذا شيء عتيد عندي" [٥١] .
من خلال هذا النص نلمح أن الإعمال بعد استيفاء الشروط جائز لا واجب، كما نلمح التزام تعريف اسم التقريب؛ لأنه علل عدم نصب عتيد في الآية الكريمة بسبب كون الاسم الواقع بعد اسم الإشارة نكرة تامة وهي (ما) التي فسّرها بـ (شيء) ، وعليه فلا تصح أن تكون اسماً للتقريب.