وإذا أخذنا على سبيل المثال مصطلح (التصوف) .. هذا المصطلح الذي ليس قرآنيا والذي بدأ في العصر العباسي حينما أطلق على جماعة من الناس قاموا يحاربون الترف والنعيم الذي ساد الدولة العباسية، ويدعون إلى الزهد في هذه الدنيا الفانية.. ثم تطور ليعني طريقة في السلوك والتربية والأخلاق، ثم دخلته مفاهيم وأفكار هندية ونصرانية وأعجمية تخالف عقيدة الإسلام وأفكاره، ثم ليصبح بعد ذلك نظريات فلسفية تقول بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود.. ثم ليصبح طرقا متعددة لها أول وليس لها آخر، تملأ العالم الإسلامي، وكل واحدة منها تعتقد أنها الفرقة الناجية، وأن الحق لا يجاوزها، وتتهم غيرها بالانحراف والفسوق.. وعاش المسلمون فترة طويلة من تاريخها يتنابزون بالألقاب، ويأكل بعضهم لحم بعض وما تزال أثار هذه الحياة تلوِّن بعض أنحاء العالم الإسلامي..
فلو أننا عمدنا إلى مصطلح قرآني، لنطلقه على الحالة الأولى التي بدأت في العصر العباسي، وهي دعوة الناس إلى إيثار الآخرة على الدنيا، وتحذيرهم من الترف والنعيم، لم نصل إلى ما وصلنا إليه من نتائج وآثار، ما نزال نعاني منها حتى يومنا هذا.. ولو فتشنا في القرآن الكريم عن مصطلح لمثل هذه الحالة لوجدنا - مثلا - كلمة (الإحسان) يمكن أن تؤدي هذا المدلول، دون أن تدخل تلك الأفكار الغربية التي دخلت تحت كلمة (تصوف) .. ذلك أن الكلمات القرآنية يحدد معناها اللغة ويعطيها مفهومها القرآن، فلا مجال في ذلك للزيادة والنقصان، ولو حاولنا أن نتبيَّن مفهوم القرآن لهذا المصطلح (الإحسان) لوجدناه كما يلي: