٦- لا تدور عجلة الإصلاح، دون قوة كامنة ورغبة صادقة وحركة دؤوبة، وكل ذلك يستلزم قوة لا تقهر، وطاقة لا تستنفذ، تمد القائمين على برامج الإصلاح، بالإرادة المعنوية دون أن تقعدهم السآمة، أو يفت في عضدهم الملل، فضلاً عن الوقوف بصلابة أمام الشدائد والمحن، ومن أجل ذلك جعل الملك الإمام عبد العزيز -رحمه الله- العقيدة الصحيحة محور استراتيجيته الإصلاحية، وروح حركته الوحدوية، مما وفر عليه الكثير مما يحتاجه في دعم إصلاحاته، فأقبلت إليه الجموع، كل يرغب أن ينال شرف نصرة الدين، وإعلاء كلمة التوحيد، ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى. فليس ثمة وسيلة تجمع القلوب، وتؤلف النفوس دون أن تسوقهم رغبة أورهبة، كمثل عقيدة التوحيد. التي وحدت العرب في سالف دهرهم وغابر زمانهم، رغم شدة أنفتهم، ورهافة إحساسهم، وقوة شكيمتهم، والذين يعدون التواضع مذلة، والتنازل عن الحقوق ضعفاً، ويعترفون بالفوارق العرقية، ويعظمون الوشايج القبلية، فصهرتهم عقيدة التوحيد، قلباً واحداً وانسلخوا من تلك المشاعر الاستفزازية إلى مرسى الأخلاق الإسلامية، فحقق الملك الإمام- بفضل الله - للأحفاد ما نعم به الأجداد، واتصل الماضي بالحاضر، وبرهنت العقيدة على ديمومتها في الوحدة، ومعجزتها في التغيير والإصلاح.
٧- من الضرورة أن تنطلق حركة الإصلاح، وتتجة جهود القائمين عليها، على نحو من التناسب والتقسيم، ليحمل كل فرد نصيبه ومسؤوليته وأمانته، على قدر طاقته وقدرته، ولم يغب عن ذهن الملك الإمام عبد العزيز -رحمه الله- إشراك أفراد أسرته وشعبه، وفي طليعتهم الأمراء والعلماء، والذي كان الجميع رهن إشارته وطوع أمره، مما فتح الباب واسعاً أمام التنافس والتسابق الشريف، تحت ظل حكم الملك الإمام بطواعية ورغبة صادقة، يحدوا الجميع حبهم الكامن للملك الإمام، ومعرفتهم بنبل مقصده، وجلالة هدفه.