للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرسول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من ذلك في آخر فترة من حياته وفي الحديث المتفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى قتلى أحد فصلى عليهم بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع إلى المنبر فقال: "إني بين أيديكم قرط وأنا شهيد عليكم، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه من مكاني هذا وإني لست أَخشى عليكم أن تشركوا ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها"، قال (فكانت آخر نظرة نظرها الرسول صلى الله عليه وسلم) ، وفي رواية "ولكني أَخشى عليكم الدنيا أَن تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم" قال عقبة (فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر) .

كم فرقت الفرقة والتنازع على المسلمين من ايجابيات وجلبت عليه مع الشعارات المنافية للإسلام شعارات اللؤم والغدر والسلبيات المدمرة في أَخص شئونهم وفي علاقتهم بعضهم ببعض. ويخطئ من يظن أننا بغير الإسلام تجتمع لنا كلمة أَو يرتفع لنا بناء. إن ما صلح به ماضينا هو ما يصلح به حاضرنا ومستقبلنا، ولم تستطع القبيلة ولا روابط الجنس والدم أن تجمع الناس على رسالة خير إصلاح وإن جمعت فرقت. والعرب لماذا لم تجمعهم روابط الجنس من قبل؟. لماذا لم يجتمع الأوس والخزرج وبينهم من الصلة ما بينهم؟. إنها الحروب والدماء والقطيعة والبغضاء، أزيلت حين شع نور الإسلام على الديار فصفت النفوس والتقت القلوب وتعانقت الأرواح وأَصبحوا بنعمة الله إخوانا.

بالإسلام صاروا خير أمة أخرجت للناس وبالإسلام امتد نورهم وسما ذكرهم وعرف فضلهم وبالإسلام بطل كيد عدوهم الذي أراد أَن ينفذ إليهم عن طريق إعادتهم إلى عصبية الجاهلية وتناحرها، بالإسلام تتماسك الصفوف وتأتلف النفوس وتتحول الطاقات والإمكانات إلى بناء حضارة تصان فيها كرامة الإنسان.

بالإسلام تسقط جميع السلبيات التي حالت بيننا وبين التعاون على البر والتقوى.