للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن معرفة الله تعالى على التفصيل لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الوحي الذي جعله الله لعباده روحاً ونوراً وهدى، والله تعالى أعلم بنفسه وبغيره من خلقه, ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله، وما يجب له، وما يمتنع عليه، وما ينزّه منه، وما وصف الله به نفسه وجب قبوله والإيمان به وأنه الحق، وكذا ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو أفصح الخلق وأقدرهم على البيان، وَأنصح الخلق لأمته، وقد بين للناس ما نُزِّل إليه من ربه، وأعظم ذلك معرفة الله تعالى التي هي بها هداية القلوب، فقد بين خياله أوصاف الله تعالى التي تعرّف بها إلى عباده، وأمرهم بدعوته بها، إذ هي الطريق إلى معرفة الله تعالى وعبادته.

فكل اسم من أسمائه الحسنى له تعبّد يختص به علماً وحالاً، وأكمل الناس عبودية لله المتعبِّدُ بجميع الأسماء الحسنى والصفات العليا التي يعرفها الخلق، فلا تمنعه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر، وهو جل وعلا يحب مقتضى أسمائه وصفاته، فلمحبته التوبة والمغفرة والعفو خلق من يتوب عليه، ويغفر له، ويعفو عنه كما جاء في الحديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم" [١٦] .

وإذا كان الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته فرض على العبد؛ لأنه داخل في الإيمان بالله تعالى، ومعلوم عجز العقول عن الوصول إلى معرفة ذلك بدون هداية الوحي لأنّ ذلك