للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما تقدم بيانه يتضح لنا أن تلك الأوامر والنواهي، وتلك الأسس الاجتماعية، ما هي إلا أجزاء بنود عقد أقامه الرب سبحانه وتعالى بينه وبين عباده، ويتمثل ذلك العقد في القيام بتلك الأوامر والنواهي فعلا وتركا، والعهد شامل لكل ما عهده الله إلى الناس كافة على ألسنة الرسل، فطلب من هذه الأمة الوفاء بما عهد إليها فقال: {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} (الأنعام: من الآية١٥٢) فالوفاء بما تقدم وبكل عهد بين العبد وربه مطلوب شرعاً، وهذا معلوم لكل من استخدم ما آتاه الله من عقل، وفطرة سليمة، والوفاء بالعهد يشمل أيضاً ما يعاهد الناس عليه بعضهم بعضاً، مما ليس فيه مخالفة لشرع الله عز وجل، ومما يدل على شمولية العهد قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [٦٨] وقال: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [٦٩] وقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُم} [٧٠] وقال: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ} [٧١] وقال في صفات المؤمنين: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [٧٢] فكل ما عهد به الله عز وجل إلى عباده، وكل ما شرعه للناس، فهو من عهده عز وجل إليهم، وكل من آمن برسول من رسل الله، فقد عاهد الله على الإيمان به والاتباع له، ويتجلى ذلك في السمع والطاعة، وامتثال الأمر بالفعل، والنهي بالترك.