للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الدارمي رحمه الله: أخبرنا أبو المغيرة [١٠٨] ، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير [١٠٩] ، عن أبي قلابة [١١٠] قال: قال عبد الله بن مسعود:

"تعلموا العلم قبل أن يقبض، وقبضه أن يذهب أهله، ألا وإياكم والتنطع [١١١] ، والتعمق [١١٢] ، والبدع [١١٣] ، وعليكم بالعتيق [١١٤] " [١١٥] والرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين كثيرة في هذا الباب وإنما أردنا الدلالة عليها بما ذكرنا. وتبعهم من بعدهم من حملة الخير والهدى التابعون فهذا الدارمي رحمه الله يقول:

أخبرنا مخلد بن خالد بن مالك [١١٦] ، أخبرنا النضر بن شميل [١١٧] ، عن ابن عون [١١٨] ، عن ابن سيرين [١١٩] قال:

"كانوا [١٢٠] يرون أنه على الطريق ما كان على الأثر" [١٢١] . ولا ريب أن الأثر المذكور هو شرع الله عز وجل الذي جاء به نبي الهدى والرحمة وهو صراط الله المستقيم الذي سار عليه معلمو الإنسانية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتجدر بنا الإشارة – ونحن نختم هذه الجولة من معايشة آيات من كتاب الله - أن نذكر القارئ الكريم بأن الآية فيها من الأمور التي تظهر للمتأمل ما يلي:

١- إن الله عز وجل قد جمع في هذه الوصية بين الأمر باتباع سبيل الحق، والنهي عن سبيل الضلال المقابلة له.

٢- أنه عزوجل كرر لفظ الوصية في هذه الآية فقال: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} (الأنعام: من الآية١٥١) لمزيد التوكيد والاهتمام بها، فيا لها من وصية عظم الله شأنها، وقوى برهانها، وجعلها نورا لمن عمل بها، وحجة على من لم يستظل بظلها.

٣- في الآية الكريمة التنبيه على أن كل ما كان حقاً فهو واحد، ولا يلزم منه أن يقال: إن كل ما كان واحدا فهو حق، فإذا كان الحق واحداً، كان كل ما سواه باطلا، وما سوى الحق أشياء كثيرة، فيجب الحكم بأن كل كثير باطل، ولكن لا يلزم أن يكون كل باطل كثير [١٢٢] .