للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسنوا الظن بربهم إذ وصفوه بما وصف به نفسه ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوه بكل كمال وجلال، ونزهوه عن كل نقص، والله تعالى عند ظن عبده به، وأهل البدع هم الذين يظنون بربهم ظن السوء، إذ يعطلونه عن صفات كماله وينزهونه عنها، وإذا عطلوه عنها لزم اتصافه بأضدادها ضرورة ولهذا قال الله تعالى في حق من أنكر صفة واحدة من صفاته وهي صفة العلم ببعض الجزيئات {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (فصلت:٢٣) وأخبر عن الظانين بالله ظن السوء أن عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعَدَّ لهم جهنم وساءت مصيرا فلم يتوعد بالعقاب أحداً عظم ممن ظن به ظن السوء، وأنت لا تظن به ظن السوء فمالك وللعقاب، وأمثال هذا من الحق الذي يجعلونه وصلة لهم وحيلة إلى الاستهانة بالكبائر وأخذه إلا من نفسه.

وهذه حيلة لا ينجو منها إلا الراسخ في العلم، العارف بأسماء الله وصفاته فإنه كلما كان بالله أعرف كان له أشد خشية وكلما كان به أجهل كان أشد غروراً به وأقل خشية. فإن أعجزتهم هذه الحيلة وعظم وقار الله في قلب العبد هوَّنوا عليه الصغائر وقالوا له أنها تقع مكفرة باجتناب الكبائر حتى كأنها لم تكن وربما منَّوه أنه إذا تاب منها - كبائر كانت أو صغائر- كتبت له مكان كل سيئة حسنة.