للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النوع الثالث: أن تكون الحيلة مباحة شرعت لغير هذا المقصود المحظور، فيتخذها المحتال وسيلة إليه، ومن أمثلة ذلك الفرار من الزكاة ببيع النصاب أو هبته أو استبداله قبيل حولان الحول، وهذا النوع هو محل الاشتباه وموضع الزلل وهو المقصود الأول لنا من الكلام على الحيل المحرمة، ولم نتكلم على غيرها من الحيل التي ظهر تحريمها إلا من باب تتميم الفائدة فقط، مع ما يتبعه من الفوائد الأخرى.

وهذا النوع - أعني ما كان المقصود منه محرماً والوسيلة مباحة لم تشرع له - حرام من جهتين: من جهة الغاية والمقصود، ومن جهة الوسيلة والطريق، أما من جهة الغاية فلأن المحتال قصد به إباحة ما حرم الله وإسقاط ما أوجبه، وأما من جهة الوسيلة فلأنه اتخذ آيات الله هزواً وقصد بالسبب ما لم يشرع له، بل قصد ضده فقد ضادَّ الشارع في الغاية والوسيلة والحكمة جميعاً.

وهذا النوع من الحيل على عدة أضرب:

الضرب الأول: الاحتيال لحل ما هو حرام في الحال كالحيل الربوية، وحيلة التحليل، والحيل الربوية نوعان:

١- أن يضم العاقدان في العقد المحرم إلى العوضين أو إلى أحدهما عوضاً ليس بمقصود ليتخلصا به من التحريم ظاهراً، مثل أن يتعاقدا على بيع ربوي بجنسه متفاضلا ولأجل أن يتخلصا من التحريم في زعمهما يضمان إلى العوضين أو إلى أحدهما شيئاً آخر من غير الجنس، كأن يتعاقدا على بيع ألف دينار بألفي دينار ثم يضمان إلى كل من العوضين أو إلى أحدهما ثوباً أو منديلاً لا غرض فيه لواحد منهما إلا أن يتخلصا من حرمة الربا ظاهراً، فمتى كان المقصود بيع ربوي بجنسه متفاضلاً حرمت المسألة عند مالك والشافعي وأحمد ومتقدمي الكوفيين وهو الذي تدل عليه السنة.