للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر المفسرون أن أصحاب الجنة هؤلاء كانوا بأرض اليمن قريباً من صنعاء، وكانت هذه الجنة لرجل يؤدي حق الله فيها ويطعم الفقراء والمساكين، فلما مات قال بنوه: "إن كان أبونا لأحمق حين يطعم منها الفقراء والمساكين، فلما طاب ثمارها، ودنا قطافها أقسموا ليقطعن ثمارها في وقت يغفل عنه المساكين، وهو آخر الليل وأول النهار حتى لا ينقص من ثمارها شيء بسبب الصدقة "، ثم دار بينهم الحوار المبين في السورة، وحصل لهم العقاب بسبب قصدهم السيء.

وقد سئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من أهل الجنة أن من أهل النار؟ فقال: "لقد كلفتني تعباً "، وعن الحسن: قول أصحاب الجنة: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} (القلم: من الآية٣٢) لا أدري إيماناً كان ذلك منهم، أو على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة، فتوقف في أمرهم، والأكثرون على أنهم تابوا وأخلصوا [٦٩] .

هذه طائفة من الآيات الدالة على تحريم الحيل المحرمة التي تناقض مقاصد الشارع تنبئك عن بقية الآيات التي بمعناها.

وأما الأحاديث الدالة على تحريم هذا النوع من الحيل فإليك طرفاً منها:

١- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " [٧٠] .

دل هذا الحديث على أن الأعداد بمقاصدها، وأن العقود بحقائقها، فمن نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا، ولا يخلصه من الإثم صورة البيع، ومن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللا، ودخل في الوعيد على ذلك باللعن، ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح، وهكذا، وقد ترجم البخاري في كتاب الحيل على هذا الحديث "باب في كتاب الحيل وأن لكل امرئ ما نوع في الأيمان وغيرها ".