للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي إسناده عثمان بن صالح ومشرح بن عاهان، وقد أنكروا على عثمان تفرده بروايته عن الليث وليس بالمشهور من أصحابه، كما ضعف بعضهم مشرح بن عاهان، وهذا طعن مردود، فإن عثمان بن صالح هذا ثقة روى عنه البخاري في صحيحه، وروى عنه ابن معين وأبو حاتم الرازي وقال: "شيخ صالح سليم الناحية "، قيل له: "كان يلقن "، قال: "لا "، ومن كان بهذه المثابة ما يتفرد به حجة، وإنما الشاذ ما خالف به الثقات لا ما انفرد به عنهم فكيف إذا تابعه مثل أبي صالح وهو كاتب الليث وأكثر الناس حديثا عنه وهو ثقة أيضا وإن كان وقع في حديثه بعض غلط، وأما مشرح بن عاهان فقال فيه ابن معين: "ثقة "، وقال الإمام أحمد: "هو معروف "، فثبت أن هذا الحديث جيد وإسناده حسن [٨٦] .

قال ابن القيم بعد سرد روايات الصحابة الأربعة علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة وعقبة بن عامر رضي الله عنهم أجمعين، في تحريم هذا النكاح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله، فهؤلاء الأربعة من سادات الصحابة قد شهدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعنة أصحاب التحليل، وهم المحلل والمحلل له، وهذا إما خبر عن الله فهو خبر صدق، وإما

دعاء فهو دعاء مستجاب قطعا، وهذا يفيد أنه من الكبائر الملعون فاعلها، ولا فرق عند أهل المدينة وأهل الحديث وفقهائهم بين اشتراط ذلك بالقول أو بالتواطؤ والقصد، فإن المقصود في العقود عندهم معتبرة والأعمال بالنيات، والشرط المتواطأ عليه الذي دخل عليه المتعاقدان كالملفوظ عندهم، والألفاظ لا تراد لعينها، بل للدلالة على المعاني فإذا ظهرت المعاني والمقاصد فلا عبرة بالألفاظ؛ لأنها وسائل وقد تحققت غاياتها فترتبت عليها أحكامها " [٨٧] .