للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإذا ازدحم واجبان لا يمكن جمعهما فقدم أوكدهما، لم يكن الآخر في هذا الحال واجباً ولم يكن تاركه لأجل فعل الأوكد تارك واجب في الحقيقة، وكذلك إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرماً على الحقيقة وإن سمى ذلك ترك واجب، وسمي هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر ويقال في مثل هذا ترك الواجب لعذر وفعل المحرم للمصلحة الراجحة أو الضرورة أو لدفع ما هو أحرم".

ومن هذا الباب ما قاله سلطان العلماء وبائع الأمراء العز بن عبد السلام: - رحمه الله: "إذا تفاوتت رتب الفسوق في حق الأئمة قدمنا أقلهم فسوقاً مثل إن كان فسق أحد الأئمة بقتل النفوس وفسق الآخر بانتهاك حرمة الأبضاع وفسق الآخر بالتعرض للأموال قدمنا المتعرض للأموال على المتعرض للدماء والأبضاع ... فإن قيل: أيجوز القتال مع أحدهما لإقامة ولايته وإدامة تصرفه مع إعانته على معصيته؟ قلنا: نعم، دفعا لما بين مفسدتي الفسوقين من التفاوت ودرءاً للأفسد فالأفسد ..."ويطول سرد الأمثلة إذا تتبعناها ولكن نكتفي في نهاية هذه الأمثلة بالتذكير بالقاعدة العامة في ذلك كما قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله: "وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت فإنه يجب ترجيح الراجح منها، فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد، وتعارضت المصالح والمفاسد، فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأموراً به، بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته".