للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا يتبين أنَّ ما كان على فعِل يفعِل لا يكسر منه حرف المضارعة. وعلة ذلك ثقل الكسر بعد الكسر؛ ولأنَّ العلَّة في كسر حرف المضارعة فيما كان ماضيه على فعِل التنبيه على كسر العين منه، قال سيبويه: "وإنَّما كسروا هذه الأوائل؛ لأنَّهم أرادوا أن تكون أوائلها كثواني فَعِل كما ألزموا الفتح ما كان ثانيه مفتوحًا في فَعَل وكان البناء عندهم على هذا أن يجروا أوائلها على ثواني فعِل منها " (١) .

ولما كانت العلّة هذه لم يُكْسَرْ في الباب شيء كان ثانيه مفتوحًا نحو ضرب وذهب وأشباههما (٢) .

أمَّا الياء الدَّالة على الغائب من حروف المضارعة فإنَّا نجدها تخرج من هذا، وتسلم من الكسر. يقول الرّضي: "وتركوا الكسر؛ لأنَّ الياء من حروف المضارعة يُستثقل عليها، وكسر حروف المضارعة ـ إلاَّ الياء ـ لغة غير الحجازيين إذا كان الماضي مكسور العين " (٣) . وقال أيضًا: "واعلم أنَّ جميع العرب ـ إلاَّ أهل الحجاز ـ يجوزون كسر حروف المضارعة سوى الياء في الثلاثي المبني للفاعل، إذا كان الماضي على فعِل بكسر العين فيقولون: أنا إعلم، ونحن نِعلم وأنت تِعلم ... " (٤) .

وبهذا يتبيّن أنَّ الياء ليست ممَّا يكسر من حروف المضارعة إلاَّ في حالات نادرة، كأن تكون بعدها ياء أخرى. قال الرَّضي: "ويكسرون الياء أيضًا إذا كانت بعدها ياءٌ أخرى" (٥) .


(١) الكتاب ٤ / ١١٠.
(٢) المصدر السَّابق.
(٣) شرح الكافية: ٢ / ٢٢٨.
(٤) المصدر السابق: ١ / ١٤١.
(٥) المصدر السابق: ٢ / ٢٢٨.