للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجمع، كل من لديه علم وإنصاف وبصيرة باللغة العربية من علماء الإسلام، وخصومه، أن كتاب الله في غاية من الإحكام والإتقان، وأنه خير كتاب وأفضل كتاب، وأنه لم ينزل كتاب أفضل منه، لما اشتمل عليه من العلوم النافعة والأحكام العادلة، والأخبار الصادقة، والشرائع القويمة، والأسلوب البليغ المقنع، كما قال الله سبحانه: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} أي صدقا في الأخبار، وعدلا في الشرائع والأحكام، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} الآية.. قال العلماء: الهدى: هو ما فيه من العلوم النافعة والأخبار الصادقة، ودين الحق: هو ما فيه من الشرائع القويمة والأحكام الرشيدة، إذا علم هذا فالجمع بين الآيتين المذكورتين وما جاء في معناهما هو أن الله، سبحانه، قد قدّر مقادير الخلائق، وعلم ما مهم عاملون، وقدر أرزاقهم وآجالهم، وكتب ذلك كله لديه، كما قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} الآية، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وفي الصحيحين عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ النبي - صلى الله عليه