للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ريب أن هذا الكلام الشنيع مما يثقل على القلب واللسان ذكره، لما اشتمل عليه من أنواع الكفر الصريح، والردة الكبرى عن الإسلام - كما تقدم بيان ذلك، ونقل الإجماع عليه-، ولكن لمسيس الحاجة إلى كشف شبهة قائله، اضطررنا إلى نقله وكتابته، وشبهته، فيما افتراه، من هذا الزعم الباطل، هي أن هاتين القصتين لا يقبلهما العقل، لكون العصا جماداً لا تقبل الحياة، ولأن نوم أهل الكهف طويل جداً، وهذه الشبهة باطلة من وجوه، الأول: أن العقل لا مجال له في هذا المقام، وإنما الواجب، على جميع العقلاء، التصديق بما أخبر الله به ورسوله واتباعه، وعدم التكذيب بشيء منه، وليس لأحد أن يحكّم عقله في الإيمان ببعض المنزل وإنكار بعضه، لقول الله، سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} الآية.. وقوله سبحانه: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وقال - عز وجل-: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} ، وقد أثنى الله، سبحانه، على الرسول والمؤمنين بالتصديق بما أنزل إليهم من ربهم، ووصف المتقين بذلك وأخبر أنهم هم أهل الهدى والفلاح، فقال سبحانه: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ، وقال سبحانه: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ