للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نفخ في آدم من روحه، والطين جماد كالعصا، ولما نفخ الله فيه الروح صار إنساناً عاقلاً سميعاً بصيراً، وهكذا النار جماد محرق وقد خلق الله منها الجان وجعله سميعاً بصيراً، فالذي قدر على ذلك هو الذي جعل في عصا موسى الحياة حتى صارت بذلك حية تسعى، ولقفت ما ألقاه السحرة من العصي والحبال، وربك على كل شيء قدير، أما المشاهد المعلوم فجميع بني آدم كلهم مخلوقون من ماء مهين، كما قال الله - عز وجل - في سورة السجدة: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} ، وهذا الماء هو النطفة المتكوّنة من ماء الرجل وماء المرأة، ثم تكون - بعد ذلك - علقة، ثم مضغة وهي في أطوارها الثلاثة جماد، ثم ينفخ الله فيها الروح فتكون، بعد ذلك خلقاً آخر حياً ذا سمع وبصر وعقل، كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ففي خلق آدم وذريته آيات بينات على قدرة الخالق، سبحانه، وأنه على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، وأنه - سبحانه - لا يعجزه شيء، ومن المشاهد المعلوم - أيضاً - البيضة، فإنها مخلوق جماد، ثم يجعل الله في ذلك الجماد الذي في داخلها - بالأسباب التي قدرها وعلمها عباده - طائراً حياً سميعاً بصيراً والشواهد، من مخلوقاته - عز وجل - على قدرته العظيمة وحكمته وعلمه الشامل، كثيرة لا تحصى، وبما ذكرناه يتضح - لطالب الحق - بطلان هذه الشبهة التي شبه بها الرئيس التونسي في الخطاب المنسوب