للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويهيئ لهم من أمرهم مرفقاً، لمّا اعتزلوا قومهم وهجروهم لله بسبب شركهم وكفرهم، ثم قال - عز وجل - بعد آيات: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا} الآية، فأبان - سبحانه في هذه الآية - أن في قصة أهل الكهف وإعثار الناس عليهم، إقامة الحجة على صدق وعد الله بالبعث، والنشور وقيام الساعة، وأن الذي يحيي النائم، بعد نومه الطويل ووفاته بالنوم، وهو الذي يحيي العباد بعد موتهم وتفرق أوصالهم، ومعلوم أن البعث والنشور قد أخبر به جميع الأنبياء، ودل عليه كتاب الله في مواضع كثيرة، وأجمع عليه المسلمون وغيرهم، ممن آمن بالرسل الماضين، فالذي يقدر على إحياء الموتى ومجازاتهم بأعمالهم هو القادر، سبحانه، على إنامة الأحياء ثم بعثهم، من باب أولى، فكل واحدة من الوفاتين - وفاة النوم، ووفاة الموت - دليل على الأخرى، وقد بين الله، سبحانه، في سورة البقرة إحياءه الموتى، في الدنيا قبل الآخرة، في خمسة مواضع ليقيم الحجة على المنكرين للبعث والنشور، وليوضح لهم - سبحانه - أنه القادر على إحياء الموتى في الدنيا والآخرة.

الموضع الأول: قوله سبحانه: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .