للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كانت الرسالة بهذا الاتساع والتعاظم، ونصيب المرأة منها كبير، أصبح كثرة المعلمات المتصلات بِسر النبوة شيئا يزيد في كمية العلم المبلَّغ وسعة انتشاره، وعودا إلى كتب الإسلام على اختلاف أنواعها وكثرتها، نجد عائشة وزميلاتها قد أضأن هذه الكتب بما أخرجن من التشريع والعلم، من داخل حجرات النبوة، ليس عن النساء فقط ولكن عن الرجال أيضا، فقمن بتنفيذ الأمر كاملا، فذكرن حفظا وتطبيقا وتبليغا، وهكذا زوجه سبحانه بعدد من النسوة وخاطبهن بالجمع {وَاذْكُرْنَ} لعلمه بما زوج به نبيه، وأن من مهمتهن مساعدة رسوله في تبليغ رسالته الثقيلة ولهذا كُنَّ جديرات بأن يجعلهن أمهات المؤمنين وكأنهن وَلَدْنَ جميع أمة زوجهن العظيم، صلى الله عليه وسلم، فكل أمّ يمكن أن تلد، ولكن ليس كل أم يمكن أن تعلم وتربي أبناءها، وهذا هو خير ما في الأم، فأعطاهن الله هذه الصفة كاملة وليس مجرد تشبيه، فلم يقل سبحانه: وأزواجه كأمهاتهم، إنما قال: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} ، حتى إن كبار الصحابة كانوا يرجعون إلى أمهاتهم هؤلاء في كل معضل من الشريعة، ثم إن نبينا عليه الصلوات، لم يكن بدعا من الرسل حين تزوج بهذا العدد المحدود، وهو كثير عند الأعداء والجاهلين، والذي كان لحكمة عظيمة أوضحنا منها ما ذكرنا، والذي تخرج هذه البغضاء من أفواههم، يعلمون يقينا أن أكثر من نبي كريم من أنبيائهم كسليمان عليه السلام، تزوج بتسعين امرأة كما هو ثابت في الحديث الصحيح، فيتركون التسعين ويتكلمون عن التسع، وذلك لحاجة في نفس يعقوب لم يقضها.