ثانيا: وهو الأخطر شأنا، أن هذه الباقة النابهة من الزوجات، وقد اخترن من الله لرسوله، فقد قال له بعد ذلك {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج} ، كان عليهن مهمة تبليغ الرسالة للنصف البشرى الذي يقيده الحياء؛ وهن: النساء، خاصة ما يتصل بتشريع الأنوثة، ولهذا لا تكاد بيوتهن تخلو من أفواج النساء ليتلقين منهن عاطر الوحي الخاص بهن، والدليل بأن هذا تكليف لنساء الرسول وليس مجرد تطوع بالخير منهن هو قوله تعالى:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} ، وخص هذا الأمر مباشرة بهن، فالكلمة {وَاذْكُرْنَ} تكليف بِمَعَانٍ ثلاثة، اذكرن بمعنى احفظن ما أنزله على زوجكن الرسول، اذكرن ذلك في ذوات أنفسكن؛ بمعنى: العمل والتنفيذ لأنكن القدوات لغيركن، وثالث المعاني اذكرن ذلك بين النساء تبليغا وتعليما.