للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا حققت ذلك علمت أن الذين أوتوا الكتاب بمثابة ما لو قلت وطعام المؤتين الكتاب بصيغة اسم المفعول ولم يقل أحد أن مفهوم اسم المفعول مفهوم لقب لاشتماله على أمر هو المصدر يصلح أن يكون المتصف به مقصودا للمتكلم دون غيره كما ذكروا في مفهوم الصفة فظهر أن إيتاء الكتاب صفة خاصة بهم دون غيرهم وهى العلة في إباحة طعامهم ونكاح نساءهم فادعاء أنها مفهوم لقب سهو ظاهر وظهر أن التحقيق أن المفهوم في قوله: {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} مفهوم علة ومفهوم العلة قسم من أقسام مفهوم الصفة فالصفة أعم من العلة وإيضاحه كما بينه القرافي أن الصفة قد تكون مكملة للعلة لا علة تامة كوجوب الزكاة في السائمة فإن علته ليست السوم فقط ولو كان كذلك لوجبت في الوحوش لأنها سائمة ولكن العلة ملك ما يحصل به الغنى وهي مع السوم أتم منها مع العلف وهذا عند من لا يرى الزكاة في المعلوفة وظهر أن ما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى هو الصواب وقد تقرر في علم الأصول أن المفهوم بنوعيه من مخصصات العموم أما تخصيص العام بمفهوم الموافقة بقسميه فلا خلاف فيه وممن حكى الإجماع عليه الآمدي السبكي في شرح المختصر ودليل جوازاه أن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ومثاله تخصيص حديث "ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته" أي يحل العرض بقوله مطلني والعقوبة بالحبس فإنه مخصص بمفهوم الموافقة الذي هو الفحوى في قوله: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ} لأن فحواه تحريم إذاهما فلا يحبس الوالد بدين الولد وأما تخصيصه مفهوم المخالفة ففيه خلاف والأرجح منه هو ما مشى عليه الحافظ ابن كثير تغمده الله برحمته الواسعة وهو التخصيص به والدليل عليه ما قدمنا من أن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما وقيل لا يجوز التخصيص به ونقله الباجي عن أكثر المالكية وحجة هذا القول أن دلالة العام على ما دل عليه المفهوم بالمنطوق وهو مقدم على المفهوم ويجاب بأن المقدم عليه منطوق خاص لا ما هو من