إن جميع ما يذكر من مقومات هذه الأمة يستند إلى هذا الأصل ويقوم عليه فما ندعى إليه من توثيق روابط الأخوة والمودة، وما نأمر به أو ننهى، لا يثمر ولا يغني ما لم يكن الدافع إليه والغاية منه القصد لله وابتغاء مرضاته.
وإذا تسرب الشرك إلى شيء من عمل أحبطه ودمره.
هذا الأصل ثابت مستقر في رسالة الرسل جميعا لا يتغير مع أي شرعة ومنهاج {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
والحياة التي تقوم على التوحيد تصان فيها الفرائض وتؤدى الواجبات وهي متنوعة متعددة تحتاج إلى علم وجهد وكد يتساند فيها أهل التوحيد معتصمين بحبل الله غير متفرقين وتقوم نعم الله التي لا تحصى بين أيديهم لتكون عونا على إعلاء كلمة الله في إحقاق الحق وإبطال الباطل ونصر المظلوم بإنصافه وتأمينه والظالم بالأخذ على يده وبهذا تحافظ الأمة الإسلامية على خيريتها، وتعز بإيمانها وأداء رسالتها، وتفلح بالدعوة إلى سبيل ربها {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
إنها أمة مجاهدة ذات رسالة خالدة، فرض عليها أن تحيا مرابطة في سبيل الله تجير المظلوم وإن كان من غيرها وتأخذ على يد الظالم وإن كان منها، وتعلي كلمة الله في كل شأن من شئونها.
والإسلام يعتبر المسلمين أمة واحدة تجمعها العقيدة ويشارك بعضها بعضا في الآلام والآمال.
وأي عدوان يقع على قطر من أقطارها أو على فرد من أبنائها فهو عدوان عليها جميعا، ولكي تستطيع هذه الأمة أن تنهض برسالتها وأن تؤدي ما أوجب الله عليها لابد أن تعمل دائما على تحقيق الأسباب التي تعينها على ذلك، وأن تحافظ على المقومات الأصيلة الثابتة التي تميز شخصيتها وتجعلها أمة دعوة ورسالة.