وواقع الأمة الإسلامية الآن لا يحتاج إلى بيان ولكن من الخطأ أن نظن أن ما وصلت إليه يستحيل علاجه ومن الخطيئة أن ندع اليأس يتسرب إلى النفوس، وأن نترك أولئك الذين لا يريدون لأمتنا إلا مزيداً من الفشل وذهاب الريح، أن يفرضوا عليها الرضى بالواقع أو يجعلوها تؤمن بالتبعية لغيرها في شرق أو غرب.
فإن أمتنا تملك- بفضل من الله- أن تبدأ البداية الصحيحة دون حاجة لشرق أو غرب وعليها أن تدرك أن ما سلط عليها من أعدائها بسبب معاصيها وقعودها عن أداء رسالتها {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} .
ورب قوم سلط عليهم شر منهم كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمعاصي الله كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً.
فعلى أمتنا أن تبدأ بما أمر الله به {فَاتَّقُوا الله وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، عليها أن تكف شرها عن نفسها وأن تأخذ على يد العابثين الذين يفسدون في الأرض ويقطعون الأرحام.
في الجاهلية تداعت قبائل من قريش إلى حلف قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:
"لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى إليه في الإسلام لأجبت".
وكانت هذه القبائل قد تعاهدت على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.
في الجاهلية تداعت قبائل من قريش لهذا الحلف الذي أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وقال لو أدعى إليه في الإسلام لأجبت.