للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا لم تكن في الأحكام والعقائد وكانت غير مسندة، فإنها لا تروى بصيغ الجزم، بل تروى بصيغ التمريض، لا سيما عند عدم بيان حالها.

قال ابن الصلاح: "إذا أردت رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك، وإنما تقول فيه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، أو بلغنا عنه كذا وكذا، أو ورد عنه، أو جاء عنه، أو روى بعضهم، وما أشبه ذلك.

وهكذا الحكم فيما تشك في صحته وضعفه وإنما تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ظهر لك صحته".

لكن هذا الأمر لا يقال أعني نسبة الحديث الضعيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيغة التمريض إلا عند العلماء، أما عند طلاب العلم المبتدئين، أوفي المجالس العامة أو على رؤوس المنابر، فلا ينبغي الاكتفاء بذلك، لأنهم إذا سمعوا التلفظ برسول الله صلى الله عليه وسلم ظنوا أنه حديث صحيح لجهلهم بقواعد علم الحديث وحصول هذا كثير مشاهد.

ويؤيده قول علي- رضي الله عنه- "حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله".

والأولى الاحتياط في ذلك كله، ما دام الحديث ضعيفاً فلا يروى أو ينقل إلا مقروناً ببيان حاله من غير تمييز بين ما كان في الأحكام والعقائد، وما كان في فضائل الأعمال.

ولهذا كان بعض الأئمة كابن خزيمة إذا روى حديثاً ضعيفاً بسنده قال: حدثنا فلان مع البراءة من عهدته، وربما قال هو والبيهقي "إن صح الخبر".

قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: "والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب على كل حال لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه، أنه حديث صحيح، خصوصاً إذا كان الناقل من علماء الحديث الذي يرجع إلى قولهم في ذلك".

وقال الترمذي: "وقد روى غير واحد من الأئمة عن الضعفاء وبينوا أحوالهم"