للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشاطبي: "ولو كان من شأن أهل الإسلام الأخذ بكل ما جاء عن كل ما جاء لم يكن لانتصابهم للتعديل والتجريح معنى، مع أنهم قد أجمعوا على ذلك، ولا كان لطلب الإسناد معنى يتحصل".

القسم الثاني: ما اشتد ضعفه، على اختلاف أنواعه، بأن يكون لوضاع أم متروك أو ما أشبه ذلك.

وقد كثرت الأحاديث التي من هذا القبيل، وانتشرت في بطون الكتب، ككتب التفاسير والسير والترغيب والترهيب وغيرها.

وقد أوجدت لغايات مختلفة وأغراض متباينة، منها عدم الدين كما وقع من بعض الزنادقة، والعصبية المذهبية، والأحوال السياسية، والأغراب لقصد الاشتهار، والتقرب إلى الله بوضع الأحاديث بزعمهم، وما وضع للتكسب به كالقصاص، ومن ذلك أيضاً ما وقع خطأ من بعض المغفلين من الصوفية، وضعفاء الحفظ، ممن لا عناية لهم بالحديث.

وهذا الأمر مستمر متجدد في كل عصر، فيجب على علماء هذا الشأن بيان وجه الحق فيما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث لا سيما التي لم يسبق لها بيان، ويخشى من عدم ثبوتها.

فالأحاديث التي من هذا القبيل لا تجوز روايتها مسندة، أو غير مسندة، إلا على جمعة بيان حالها، لخطورة أمرها، لأن روايتها من غير بيان حالها تفصيلاً أو جملة، يؤدي إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على ذلك ابن الصلاح والنووي وابن حجر وغيرهم.

قال النووي (١) : "تحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعاً أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثاً علم أو ظن وضعه ولم يبين حال رواية وضعه فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه الحديث "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".