للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل الذي ندين الله به من فعل أو كف لا يكون إلا بدليل من كتاب الله أو مما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الأخبار المقبولة أربعة أقسام:

الأول: متواتر لفظاً ومعنى.

والثاني: أخبار متواترة معنى، وإن لم تتواتر لفظاً.

والثالث: أخبار مستفيضة متلقاة بالقبول بين الأمة.

والرابع: أخبار أحاد مروية بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط عن مثله، حتى تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وما عدا ذلك فهو الحديث الضعيف وتتفاوت درجته في الضعف بحسب بعده عن شروط الصحة، وله أحوال:

إما أن تتعدد طرقه وفيها طريقان فأكثر صالحة للاعتبار فيعضد بعضها البعض الآخر فيصبح حسناً لغيره، ويكون من أقسام الحديث المقبول المعمول به.

وإما أن تتعدد طرقه وكلها غير صالحة للاعتبار على تفاوت مراتب ضعفه كأن يكون موضوعاً وهو الذي في إسناده كذاب أو وضاع - وهو أشر أنواع الضعيف- أو أخف من سابقه قليلاً وهو الذي اشتد ضعفه بأن يكون في إسناده متهم أو مجمع على تركه، أو ذاهب الحديث، أو هالك، أو منكر الحديث، أو ليس بشيء أو ضعيف جداً، فهذا لا يلتفت إليه، مهما تعددت طرقه، ما دامت بهذه الصفة إلا على قول أنه بتعدد طرقه تخف شدة ضعفه بحيث تكون بمجموعها بمثابة طريق واحد صالح للمتابعة فهذا يكون العمل به كلاحقه.

وإما أن لا تتعدد طرقه بأن لا يكون له إلا طريق واحد صالح للاعتبار، أو تتعدد وهي كلها واهية سوى طريقاً واحداً صالحاً للمتابعة، فهذا إما أن تتلقاه الأمة بالقبول، فيعمل به على الصحيح، كما قال الشافعي: حديث "لا وصية لوارث" أنه لا يثبته أهل الحديث ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخاً لآية الوصية له (١) .

قلت: هذا إذا كان الحديث ضعيفاً، أما هذا الحديث فصحيح.

وإما أن لا تتلقاه بالقبول فهذا يتوقف فيه، لأنه لا عاضد له من متابع وشاهد فيقبل ولم يشتد ضعفه فيرد من أجل ذلك.