للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا القسم اختلف العلماء في العمل به على أقوال ثلاثة:

الأول: لا يعمل به مطلقاً، لا في الأحكام، ولا في الفضائل، حكاه ابن سيد الناس عن يحيى ابن معين ونسب إلى أبي بكر بن العربي.

والظاهر أنه مذهب البخاري ومسلم، أخذ ذلك من شروط البخاري في صحيحه وتشنيع الإمام مسلم على رواة الضعيف وعدم إخراجها في صحيحهما شيئاً منه ذكره القاسمي.

وذهب ابن حزم إلى هذا قال: "ما نقله أهل المشرق والمغرب، أو كافة عن كافة، أو ثقة عن ثقة، حتى يبلغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في الطريق رجلاً مجروحاً: بكذب أو غفلة أو مجهول الحال فهذا يقول به بعض المسلمين، ولا يحل عندنا القول به، ولا تصديقه ولا الأخذ بشيء منه".

الثاني: أنه يعمل به مطلقاً، إذا لم يوجد في الباب غيره، ولم يوجد ما يدفعه، ولم يشتد ضعفه، لأن شديد الضعف متفق على عدم العمل به روي ذلك عن أحمد وأبي داود وغيرهما.

قال الحافظ:"وقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال سمعت أبي يقول: "لا تكاد ترى أحداً ينظر في الرأي إلا وفي قلبه دغل"، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي.

قال: وسألته عن الرجل يكون ببلد لا يوجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب الرأي فمن يسأل؟ قال: "يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي".

وكان يقول: "يعمل بالضعيف إذا لم يوجد غيره، ولم يكن ما يعارضه" (١) .

وفي رواية عنه: "ضعيف الحديث أحب إلينا من رأي الرجال" (٢) .

ونحو ما حكي عن أحمد قال الشافعي: "أن المرسل يحتج به إذا لم يوجد دلالة سواه"حكاه الماوردي عنه في الجديد.

وذكر ابن القيم بأنه أخذ بأحاديث ضعيفة وقدمها على القياس كحديث تحريم صيد وج وجواز الصلاة بمكة في وقت النهي وحديث "من قاء أو رعف فليتوضأ ولبين على صلاته" (٣) .