للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلوا على ذلك بحديث: "من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذه إيماناً به، ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وان لم يكن كذلك". وهو مروي بألفاظ مختلفة عن عدد من الصحابة: عن جابر بن عبد الله وانس بن مالك وعبد الله بن عمره وابن مهرة وابن عباس رضي الله عنهم وسيأتي بيانها وذكر من أخرجها والكلام عليها في صفحة (٤٦) .

رد القول بجواز العمل بالحديث الضعيف:

وبعد عرض الأقوال في هذا الموضوع وإيراد ما استدل به بعضهم من الأدلة أبين إن شاء الله أولاها بالصواب فأقول: أرجح هذه الأقوال وأعدلها وأولاها بالصواب هو القول الأول وهو الذي تركن إليه النفس وتطمئن به. وديننا الذي أكمله الله سبحانه وتعالى بغنية عن الحديث الضعيف الذي لم تثبت صحته، ومن القيام بما احتوى عليه من طلب فعل أو كف، أو فيما معناه، لأن العمل بالحديث الضعيفة اختراع عبادة وتشريع في الدين ما لم يأذن به الله عز وجل.

وقول من قال بجواز العمل به على الإطلاق يكدره ما نقل عن أحمد وغيره من التساهل إذا لم يكن الأمر يتعلق بالأحكام. وتقدمت الإشارة إلى مثل ذلك في القول الثالث وفي رواية الحديث الضعيف ثم أن إطلاقهم في ذلك محمول على أحد أمرين:

الأول: أنهم أرادوا بالحديث الضعيف الحسن.

الثاني: أنهم أرادوا بالقياس المفضل عليه حديث الضعيف هو الفاسد إذ أنه لا يجوز إتفاقاً العمل بالحديث الضعيف في الأحكام.

قال النووي: "وأما فعل كثير من الفقهاء أو أكثرهم ذلك، واعتمادهم عليه فليس بصواب بل قبيح جداً، وذلك لأنه إن كان يعرف ضعفه لم يحل له أن يحتج بالضعيف في الأحكام، وإن كان لا يعرف ضعفه لم يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه، إن كان عارفاً أو بسؤال أهل العلم به إن لم يكن عارفاً".

لأن الحسن على ما قالوه لم يشتهر القول به قبل الترمذي وكان الحديث قبله إما صحيحاً وإما ضعيفاً فقط.