للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تأول جماعة من العلماء هذه الروايات بأن المراد بها معنى آخر غير المعنى المتعارف لكلمة (ضعيف) وهذا المعنى المراد هو (الحسن) لأنه ضعف عن درجة الصحيح. لكن هذا التأويل يشكل عندنا بما قاله أبو داود ولفظه وإن من الأحاديث في كتابي السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل وهو مثل الحسن عن جابر والحسن عن أبي هريرة، والحكم عن مقسم عن ابن عباس- حيث جعل أبو داود الحديث غير المتصل صالحاً للعمل عند عدم الصحيح، ومعلوم أن المنقطع من أنه الحديث الضعيف لا الحسن. كما أنه على تأويل الضعيف بالحسن لا معنى لتخصيص هؤلاء الأئمة بالعمل به وتقديمه على القياس، لأن هذا مذهب جماهير العلماء.

قال الشيخ أحمد شاكر: "إن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقراً واضحاً، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط".

قلت: هناك فرق بين الحسن الوارد في كلام من تقدم على الترمذي إذا أرادوا المعنى الاصطلاحي وفي كلام الترمذي فأولئك يعنون به الحسن لذاته، والترمذي يريد به الحسن لغيره، لأنه عرف الحسن بأنه ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ فيحتمل أن يكون ابن تيمية ومن نحا نحوه أرادوا به حمل الحديث الضعيف في كلام أحمد وغيره على الحسن لغيره لا لذاته. لأن الحسن لذاته صحيح عند قوم حسن عند آخرين، والحسن لغيره جمع بين صفتين، صفة الضعف وصفة الحسن فإن نظر إلى تفرده فهو ضعيف وإن نظر إلى مجموعه فهو الحسن. والحسن من هذا القبيل حسن عند قوم وضعيف عند آخرين.

ويؤيد ذلك تعقيب كلامه بتعريف الترمذي للحسن فيما مضى.

وهذا الذي تقدم منصباً على ما عدا المرسل، أما المرسل فقد أخذ من أخذ به لأن الذي لم يذكر فيه كالمذكور المعدل.