قال شيخ الإسلام:"وكذلك ما عليه العلماء من العلماء بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي. ومن أخبر عن الله عز وجل أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله عز وجل كما لو ثبت الإيجاب أو التحريم. ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره بل هو أصل الدين المشروع"
وقال الشوكاني فيما تقدم:"أن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام لا فرق بينها، فلا يحل إثبات شيء منها إلا بما تقوم به الحجة وإلا كان من التقول على الله عز وجل بما لم يقل".
وقال الشاطبي:"ولو كان من شأن أهل الإسلام أخذ الأحاديث عن كل من جاء بكل ما جاء لم يكن لانتصابهم للتعديل والتجريح معنى مع أنهم قد أجمعوا على ذلك ولا كان لطلب الإسناد معنى يتحصل، فلذلك جعلوا الإسناد من الدين ولا يعنون حدثني فلان عن فلان مجرداً، بل يريدون ذلك لما تضمنه من معرفة الرجال الذين يحدث عنهم حتى لا يسند عن مجهول ولا مجروح ولا متهم إلا عمن تحصل الثقة بروايته لأن روح المسألة أن يغلب على الظن من غير ريبة أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم لنعتمد عليه في الشريعة ونسند إليه الأحكام، والأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها فلا يمكن أن يسند إليها حكم فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب".
ثم ذكر بعد ذلك بأن الراسخين في العلم لا يفرقون بين أحاديث الأحكام وفضائل الأعمال فيشترطون في أحاديث الأحكام الصحة ولا يشترطون ذلك فيما عداها.