وأما ما اشترطوه من كون ضعفه غير شديد، فلا يعين على العمل به، لأنه ما دام بهذه الصفة لا يغلب على الظن أنه صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم وما لم يكن كذلك فنحن بغنية عنه لأن في أحاديث المقبولة ما يكفي عن ذلك. ومما يؤيد أن ما ورد في هذا الخبر غير صحيح تفرد هذا الضعف به مع المبالغة في حفظ السنة وتتبع طرق أحاديثها وجمعها وتدوينها.
قال الشاطبي آنفاً:"وروح المسألة أن يغلب على الظن من غير ريبة أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم لنعتمد عليه في الشريعة، ونسند إليه الأحكام. والأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها فلا يمكن أن يسند إليها حكم فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب".
الشرط الثالث:
أن يكون الحديث مندرجاً تحت أصل عام وهذا غير مسلّم، لأن بعض البدع تندرج تحت أصل عام، ومع ذلك فهي غير مشروعة، وهي التي يسميها الإمام الشاطبي بالبدعة الإضافية.
والحديث الضعيف لا ينهض لإثبات شرعيتها لأن العمل بالحديث الضعيف الداخل تحت أصل عام إما أن يكون مساوياً في الحكم لذلك الأصل أو لا وذلك بأن يكون فيه زيادة ترغيب لذلك العمل فإن كان مساوياً أوفيه الزيادة المذكورة كان العمل لذلك الأصل لا الحديث الضعيف إلا اللهم ما توجده تلك الزيادة من الانبعاث إلى ذلك العمل.
وان لم يكن مساوياً بأن زاد على الأصل بحد أو قيد أو عدد فكيف يقال بأن العمل فيه لذلك الأصل كصيام نصف من شعبان لأن الصيام ثابت بأدلة صحيحة لكن تحديده وتعين ذلك اليوم والشهر إنما أخذ من هذا الحديث الضعيف فلا يجوز العمل به.
فظهر بهذا أنه لا يجوز التقدير والتحديد بحديث ضعيف في فضائل الأعمال كالصلاة في وقت معين على وجه معين بقراءة معينة مع أن ذلك كله داخل تحت أصل شرعي لكن هذه القيود والحدود والمقادير زائدة بذلك الحديث الضعيف فلا يجوز الأخذ بها بخلاف ما لو كان الحديث الضعيف مساوياً في الحكم لحديث صحيح.