وسأذكر مثالاً على ذلك من كلام شيخ الإسلام وإن كان مثاله محل نظر صحة وضعفاً كما سيأتي بيانه قال مثال ذلك:"من دخل السوق فقال لا إله إلا الله كان له كذا وكذا".
لأن ما اشتمل عليه هذا الحديث ثابت بأحاديث أخر صحيحة، لأن استحباب الذكر ثابت وكونه في السوق يؤخذ من استحباب ذكر الله عند الغافلين كما جاء في الحديث، ذكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس (١) .
إذا عمل به مع قطع النظر عن الثواب المذكور لأن رجاء ذلك الثواب مع سعة فضل الله وعظيم رحمته يحتاج إلى ما يؤكد صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الاستدلال على رجاء ذلك الثواب بحديث:"من بلغه عن الله شيء....".
فسبق بيان أنه لم يثبت في هذا الباب شيء.
ولشيخ الإسلام كلام يوضح ما ذكرت من أن الحديث الضعيف له حالتان:
الأولى: أن يحمل في طواياه ثواباً لعمل ثبتت مشروعيته بدليل شرعي فهذا يجوز العمل به بمعنى، أن النفس ترجو ذلك الثواب.
قال رحمه الله:"أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروي في فضله حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً ولم يقل أحد من الأئمة أن يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف ومن قال هذا فقد خالف الإجماع".
الحالة الأخرى: أن يتضمن عملاً لم يثبت بدليل شرعي يظن بعض الناس أنه مشروع فهذا لا يجوز العمل به لأن اعتقاد موجبه ومقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي.