وقال ابن تيمية مبيناً مراد العلماء القائلين بالعمل بالحديث الضعيف:"وإنما مرادهم بذلك أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع كتلاوة القرآن والتسبيح والدعاء والصدقة والعتق والإحسان إلى الناس وكراهة الكذب والخيانة ونحو ذلك فإذا روي حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف من ذلك العقاب كرجل يعلم أن التجارة تربح لكن بلغه أنها تربح ربحاً كثيراً فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لا يضره".
قلت: إلا أن هذا لا يقصر العمل بالأحاديث الضعيفة على شدة الاندفاع إلى العمل أو الانكفاف عنه فحسب وإنما يعني أمراً آخر وهو رجاء ذلك الثواب الذي ينتفع به العامل إن كان صدقاً ولا يضره إن كان كذباً لكن النفس لم تندفع لذلك العمل إلا رجاء عظيم ثوابه فما الذي دل على ذلك الثواب وهو من الأمور المغيبة التي لا تعرف إلا من طريق الخبر فيبقى الأمر لذلك الخبر الذي صدقه العامل برجاء ما فيه من الثواب فيكون له في ذلك نصيب من الكذب الذي ينبغي للمؤمن أن يحتاط لنفسه لئلا يقع فيه ولا ينبغي له أن يعمل أو يصدق إلا بما غلب على ظنه صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والعامل الذي يرجو ثواباً لم يرد في حديث صحيح لو سئل لماذا عملت بهذا؟ لأشار إلى هذا الثواب ناسباً إياه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك لو رغب غيره للعمل به سيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكر الحديث المتضمن لذلك.